طلب محمد علي من شيخ الأزهر وقتها الشيخ حسن العطار ترشيح آئمة للبعثة الأولى الى فرنسا فرشح الشيخ العطار عددا من الأئمة ومنهم الشيخ رفاعة ، الذي تقرر له مرتب يوزباشي وكانت الرتب العسكرية تسري على المدنيين أيضا
وبدأ الشيخ رفاعة دراسة اللغة الفرنسية على ظهر السفينة الحربية الفرنسية
"لاترويت La truite " التي تحملهم الى
فرنسا وإتخذ مدرساً عند وصوله نظير بضعة فرنكات كان يستقطعها من مصروفه الشخصي
الذي كانت تقدمه له إدارة البعثة، يعلمه أصول الفرنسية في حين التزم الأئمة زملائه
حدود وظيفتهم في الإمامة الدينية فقط لطلاب البعثة
لماذا ركبوا السفينة الحربية الملكية لاترويت ؟؟؟
كانت تلك المركب قد رست في الأسكندرية أثناء تجوالها في المتوسط واستقبل محمد علي
قبطانها روبييار Robillard بحفاوة ومكنه من
زيارة الأهرام ودهشور وسقارة وحتي قابلوا الضباط الفرنسيين في أبي زعبل وهكذا لم
يجد روبيار سبيلا لرفض طلب الباشا بإصطحاب البعثة معه الى فرنسا ، وتحركت مركب
البعثة من الأسكندرية في 6 رمضان 1241هـ / 13 أبريل 1826م
خرجت البعثة من باريس في رمضان 1246هـ / فبراير 1831م الى مرسيليا ثم الأسكندرية
أي أنه أمضي نحو 5 سنوات في باريس
كان «مسيو جومار» قد تعين ناظرًا على الدروس أي مشرفاً على البعثة ونتعرف
على جومار في عجالة
والمسيو جومار هو Edme-François
Jomard كان من
رواد مجال رسم و تاريخ الخرائط ومهندساً وعالم آثار ،رافق نابليون في حملته
على مصر وكان عضوا في المجمع العلمي الذي أنشأه نابليون. ورأس هيئة تحرير كتاب وصف مصر
كان جومار
في مصر تلميذا للمستشرق الفرنسي "فانتور دي بارادي Jean-Michel Venture De Paradis " كبير مترجمي
الحملة الفرنسية وهو من ترجم أول منشورات نابليون وكان مستشاره للشؤن الشرقية ومات
فانتور في حصار عكا
وفانتور هو من أوعز بفكرة تسفير المصريين الى فرنسا
وقد خطط جومار لكليبر مشروع جمع 500 أو 600 من الفتيان والشباب حديثي العهد
بالثقافة يمكن تشكيلهم بكل سهولة من خلال حجزهم في فرنسا عاما
أوعامين ويعتادون على لغتهم وتقاليدهم ويعودوا بعدها
حلفاء لفرنسا في مصر وينشروا الثقافة الفرنسية ومنع مقتل كليبر هذا المشروع من
الخروج الى النور
------------
كان عثمان نور الدين مبتعثا الى إيطاليا لنحو خمس سنوات يتلقى العلوم الحربية
والبحرية وفنون السياسة وإدارة الحكم ثم انتقل إلى فرنسا في 1819م بهدف دراسة البحرية حيث التقى خلالهما المسيو
جومار
وطد جومار علاقته بعثمان نور الدين وطلب من عثمان بشكل
مباشر السعي لدى الباشا لإرسال بعثات تعليمية إلى فرنسا.
و تم تعيين جومار من قبل محمد علي باشا مراسلاً لشئون العلاقات الثقافية بين مصر وفرنسا
وفي عام 1828م تم تعيين المسيو جومار أمينًا للمجموعات الجغرافية في المكتبة الملكية و كان جومار عضو مؤسس للجمعية الجغرافية الملكية في باريس
-----------------
كانت فرنسا تختار رجالها المحيطين بالوالي بكل دقة، حتى ينالوا ثقته من جديد، فسعت فرنسا برجالها وعلمائها وضباطها إلى مصر من خلال محمد على التى كانت تعتبره منفذاً ومتمماً لما بدأه علماء الحملة من أبحاث، وإكمال ما تعتبره الحملة إصلاحات
و استطاع الفرنسيون بخطتهم الممنهجة، السيطرة على مفاصل الإدارة داخل مصر فمثلا الكولونيل سيف "سليمان باشا" بمدرسة أسوان الحربية، الجنرال بلانات بمدرسة أركان الحرب، الجنرال بولونيني بمدرسة البيادة، الجنرال فارن والجنرال واسيل بك بمدرسة السواري ، كما أرسلت فرنسا بعثة ( مهندسين وأطباء وفنانين والإقتصاديين ) من أتباع سان سيمون لإحكام السيطرة
كان محمد علي يدرك ضرورة وجود جيش حديث لحمايته والجيش يحتاج إلى إدارة وصناعة وعلوم ومدارس واقتصاد حديث، فكان الوافدون من اوروبا والبعثات الى أوروبا أيضا
------------------
كانت أول بعثة مصرية إلى فرنسا في عام 1826م ومنذ وصول تلك البعثة، عملت فرنسا على تقديم كل التسهيلات لهذه البعثة بغية نشر الثقافة الفرنسية في مصر، وقد استقبلهم "جومار" عضو المجمع العلمي الفرنسي، مخطط الغزو الثقافي الفرنسي الجديد
ترفع جومار عن قبول عشرة ألاف فرنك من محمد علي سنويا كراتب نظير خدماته للبعثة ونشر رفضه في الجريدة الرسمية وقال أنه لا يريد سوى علاقات أشد وثوقا بين مصر وفرنسا في العلاقات التجارية وأنه يساهم في إستعادة الحضارة المصرية ثم تحدث عن الحملة الفرنسية التي بذرت بذور الإصلاح في مصر
بدأ التحديث الحقيقي لمصر على النمط الغربي، عقب عودة البعثة إلي مصر في 1831م فقد تم إنشاء ديوان المدارس وكان أول ناظراً لهذا الديوان هو مصطفى بك مختار أحد طلاب البعثة ، وأن تنشأ مدرسة الترجمة في 1835م وأن يكون رفاعة الطهطاوي العضو الوحيد في البعثة والذي تخصص في الترجمة أول رئيساً لها
كما سيصبح أعضائها كبار أدوات الحكم والثقافة في مصر، فقد أصبح عبيدي بك شكري رئيساً للمجلس العالي ثم مديراً لديوان المدارس
أما الأرمني أرتين بك تشراكيان فقد عين مديراً لمدرسة الإدارة الملكية، ثم بمجلس شورى المدارس، ثم سكرتيراً للوالي شخصياً ثم ناظرا للتجارة والأمور الإفرنجية "الخارجية"
كما أن اسطفان بك أصبح فيما بعد ناظراً للخارجية أيضاً.
وتلك البعثة لم يكن فيها غير خمسة فقط من المصريين بالإضافة الى أربعة من الأزهريين منهم الطهطاوي إمام البعثة
كان بها 16 من مواليد إسطنبول "ترك وشركس ويونان وأرمن وجورجيين ..الخ" والباقين من العثمانيين المولودين بمصر أو أبناء المماليك ، أما أبناء الفلاحين فيتعلمون( الحفر والطباعة بالحجر والزراعة والعلوم الطبية والصناعات الكيمائية ) ويقول أنور لوقا في كتابه أن بريس دافين Prisse d’Avennes لم يبالغ حينما كتب ، ( لم يفكر محمد علي قط في إمكانية عتق هذا الجنس العربي الذي إحتقر لغته وإزدراه ولم يكن يحابي سوى الأجانب الأتراك أو المسيحيين كانوا هم من يتمتعون، بينما يعمل أهل البلد ،وفي الجيش كان العثمانيون وعبيدهم يحظون بجميع الرتب وكذلك كان الحال في الوظائف العامة )
من أعضاء البعثة أرتين وأخيه خسروا والشاب مظهر ذهبوا الى مدرسة شابتال الإعدادية وتولاهم المسيو جوبو Goubaux
رؤساء البعثة ثلاثة عبدي أفندي التركي وحسن السكندري ومصطفى أفندي مختار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق