حلقة 37
خصص
الطهطاوي المقالة الخامسة بفصولها
السبعة من كتابه للحديث عن ثورة 27 يوليو 1830م "ثورة الأيام الثلاثة Trois Glorieuses " والتي استمرت
ثلاثة أيام وتحدث عن أسباب الثورة وكيف أن كبت الحريات هو ما فجر الثورة
وقال أن الثورة حدثت رغم نجاح الجيش الفرنسي في إحتلال الجزائر قبيل
شهور قليلة وأن الثورة تمكنت أولا من إجبار الوزارة
بكاملها علي الأستقالة ثم خلع ملك فرنسا وتنصيب آخر بلقب ملك الفرنسيين
أعتقد أن التوفيق خان
الطهطاوي عندما قال
((أن الحرب بين الفرنساوية وأهالي الجزائر
إنما هو مجرد أمور سياسية، ومشاحنات تجارات ومعاملات ومشاجرات ومجادلات، منشؤها
التكبر والتعاظم )) وأنها ((مجرد إرضاء هوى النفس))
وذلك بالرغم من قوله قبلها ((أن المطران الكبير لما سمع بأخذ الجزائر، ودخل الملك
القديم الكنيسة يشكر الله - سبحانه وتعالى -على ذلك جاء إليه ذلك المطران ليهنيه
على هذه النصرة، فمن جملة كلامه ما معناه: أنه يحمد الله - سبحانه وتعالى - على
كون الملة المسيحية انتصرت نصرة عظيمة على الملة الإسلامية، ولا زالت كذلك ))
أعتقد أن الطهطاوي لم يستوعب أحداث التاريخ التي توضح إستمرار الحروب الصليبية وأن
الحروب التي شنتها أوروبا على دولة الخلافة هي حرب صليبية ورغم أن القسس والرهبان
هم من تزعموا ثورة اليونان
وهو يرى أن ما حدث في فرنسا فتنة ((الفتنة التي ترتب عليها انعزال إقليم البلجيك
من مملكة الفلمنك، وقد كان جزءًا منها
ومن آثارها أيضًا: طلب بلاد لها الحرية والخروج من حكم الموسقوبية. ومنها: الفتن
التي وقعت في بلاد إيطاليا.))
كان مجلس المشورة " الشيوخ" منقسماً إلى يمين ( ملكيون) و يسار (
ليبراليون) و وسط (والتابعون لآراء الوزراء ) وإنقسمت فيه الأراء ورفضت ملصقات
الأهالي في الشوارع عودة جمهورية نابليون اوملكية آل البوربون وطلبوا تنصيب دوق
أورليان ملكا
وتم تعديل الدستور بحذف "العبارات الدالة على الاستعلاء"
مثل " يلقب بملك الفرنساوية، لا بملك فرنسا، والفرق بينهما
أن ملك الفرنساوية معناه كبير على نفس الأشخاص بجعلهم له ملكًا، بخلاف ملك فرنسا،
فإن معناه أن أرض فرنسا ما دامت باقية فهو سيدها وملكها، ولا منازع له من أهل
بلاده فيها " أي كون الملك ملكًا باختيار رعيته له
أقسم الملك الجديد لويز فيليب الأول على الحفاظ على الدستور في 7 أغسطس 1830م
عزل الملك الجديد 70 من مجلس المشورة لولائهم للملك المخلوع كما تمت محاكمة رئيس
الوزراء وأربعة من الوزراء وأشاد الطهطاوي بما رأه أو عرف عنه من إجراءات المحاكمة
وخاصة بعقوبة " الموت الحكمي Legal death أو Civil death civiliter mortuus"
وهو تقريبًا نظير مسألة من انقطع خبره وحكم بموته القاضي باجتهاده، بعد مضي مدة لا
يعيش فوقها غالبًا، والموت الحُكْمي عند الفرنساوية، ويقال له: «الموت المدني» هو
أن يكون حكم الحي عندهم كحكم الميت في كثير من الأحوال، وهو أن المحكوم عليه بذلك
يزول عنه جميع ما يملكه ليدخل تحت يد ورثته مثل ما إذا مات حقيقة، ولا يصح أن يرث
غيره بعد ذلك: ولا أن يورث هو غيره الأموال التي ملكها بعد ذلك، ولا يمكنه أن
يتصرف في أمواله جميعها أو بعضها بهبة أو وصية، ولا يجوز إهداؤه، ولا الوصية له
إلا بالقوت، ولا يجوز أن يكون وليًا ولا وصيًا ولا شاهدًا في شهادة شرعية، ولا
تقبل دعواه، ولا ينعقد نكاحه، بل ينفسخ نكاحه الأول، بالنظر للأحكام المترتبة
عليه: ولزوجته وأولاده أن يصنعوا في أمواله أو في أنفسهم كما لو مات هو حقيقة،
وبالجملة فهو حي ملحق بالموتى
الموت الحكمي هو حكم صادر من المحكمة ويقضي بموت شخصٍ من الأشخاص حكما لا واقعا
حتى وإن كان لا يزال على قيد الحياة
ولكن الطهطاوي في ختامه للمقالة يرى أن أن
فرنسا دولة ملكية بحكم المعاهدات الدولية "فيينا 1814م"
(( فتملك هذه العائلة إنما هو بمعاهدة ملوك الدول الإفرنجية، فهي في الحقيقة مملكة
على فرنسا رغمًا عن أنف غالب الفرنساوية، فلما وقعت الفتنة خشي الفرنساوية من أن
الملوك المذكورين يأتون بجيوش على بلادهم، وينصبون كرسي هذه العائلة، فتخلصوا من
ذلك بتملك العائلة الأخرى التي هي عائلة «أرليان»))
--------------------
المقالة السادسة
في تقسيم العلوم والفنون على طريق الإفرنج
المعارف البشرية :
علوم sciences يمكن إدراكها
بالبراهين
وفنون arts لها قواعد
أو عير رياضية ( طبيعيات natural وإلهيات divine أو " theology"
والعلوم الطبيعية هي: تاريخ الطبيعيات، وعلم الطبيعة، وعلم الكيمياء
والمراد بتاريخ الطبيعيات " التاريخ الطبيعي أو علم الأحياء" علم الحشائش والأعشاب، وعلم المعادن والأحجار وعلم الحيوانات
وأما الإلهيات فتسمى أيضًا علم ما وراء الطبيعيات metaphysics
وأما الفنون فإنها تنقسم إلى فنون عقلية مثل علم الفصاحة والبلاعة، وعلم النحو، والمنطق، والشعر، والرسم، والنحاتة والموسيقى، فإن هذه فنون عقلية؛ لأنها تحتاج إلى قواعد علمية
وإلى فنون عملية (الحِرَف)
هذا هو تقسيم حكماء الإفرنج، وإلا فعندنا أن العلوم والفنون في الغالب شيء واحد، وإنما يفوق بين كون الفن علمًا مستقلاً بنفسه، وآلة لغيره، ثم إن العلوم المطلوبة من عموم التلامذة هي: الحساب، والهندسة، والجغرافيا، والتاريخ، والرسم، ومعرفة هذه كلها تكون بعد معرفة اللغة الفرنساوية، وما يتعلق بها؛ فلذلك وجب علينا هنا أن نذكر نبذة منها
-------------
الفصل الثاني من المقالة السادسة
اللغة لازمة في التفهيم والتفهم وفي المخاطبات والمحاورات لذا وجب عند جميع الأمم على المتعلم أن يبتدئ بها، ويجعلها وسيلة لما عداها،
واللغة هي لفظ محدد يدل على معني محدد
وهي منطوقة ( كلام ) أو مكتوبة أو كلاهما
وهي لغات حية كلغة العرب، والفرس، والترك، والهند، والفرنسيس، والطليانية، والإنكليز، والإسبانيول، والنمسا، والموسقو، ولغات إنقرضت بإنقراض أهلها ولكنها باقية في الكتب مثل اللغة القبطية، واللاتينية، واليونانية الإغريقية
ومعرفة هذه اللغات المهجورة في المخاطبات نافعة لمن أراد الاطلاع على كتب المتقدمين، في بلاد الإفرنج توجد مدارس مخصوصة معدة لتعلم هذه الألسن، لما يعلمُون من نفعها
وتكلم الطهطاوي في أقسام الكلام وعن نظم الشعر عند العرب وغير العرب ...إلخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق