الأحد، 28 يوليو 2024

 الحلقة 16

المقالة الثالثة في دخول (باريس)
كانت المدرسة المصرية الأولى في 33 شارع كليشي
Clichy
إستقطب المصريون فضول الباريسيين وأصبحوا مادة خصبة للجرائد الساخرة مثل لاباندور
Pandore La والفرندور Le Frondeur

أصبحت الأحداث اليومية من الهزل بحيث أغرت مؤلفي المسرحيات على الكتابة
كان الباريسيون يعتبروا التلاميذ أتراكاً وليسوا مصريين
الفصل الأول
------------
عن باريس يقول الطهطاوي
لئن طلقت باريسًا ثلاثا  فما هذا لغير وصال مصر
فكل منهما عندي عروس  ولكن مصر ليست بنت كفر!
وصف الطهطاوي موقع باريس والمسافات بينها وبين عواصم ومدن العالم كما تطرق الى فروق التوقيت بينها وبين بلدان العالم وعلاقة ذلك بدوائر العرض وخطوط الطول في الكرة الأرضية
"إذا كان وقت الظهر في مصر القاهرة لا يدخل وقته في «باريس» إلا بعد مضي ساعتين إلا أربع دقائق"
باريس من بلاد المنطقة المعتدلة كثيرة الغيوم ومطرها غزيرعادة ولا ينقطع في سائر فصول السنة
فلذلك كانت أعالي الدور منحدرة لتنزل منها المياه إلى أسفل الدورحيث توجد قنوات ومجاري وبالوعات  وأرض هذه المدينة مبلطة بالحجر، فلا تتشرب المياه أبدًا، بل تسير إلى هذه المجاري، ومنها إلى البالوعات
تتغير حالة الطقس عادة باستمرار بحيث يمكن أن تتواجد الفصول الآربعة في يوم واحد ومزاج الطقس كمزاج أهلها متقلب وإن كان هواء «باريس» في الجملة طيبًا مناسبًا للصحة ولكن بردها وإن كان في طاقة الإنسان تحمله فإنه لا يمكن للناس الشغل إلا بالتدفئة بالنار؛ فلذلك كان في سائر قهاويها وخاناتها ومعاملها وحوانيتها  دفايات ذات مداخن مبنية في الأود" الغرف" ليوقد فيها النار، وهي مرتبة على وجه بحيث لا ينتشر في الأودة دخان الحطب وهي عند الفرنساوية لحسن صناعتها من زينة المحل فيكتنفونها في الشتاء، ومن أعظم إكرام الضيف عندهم في الشتاء تقريبه جهة النار
يستعمل الجميع المظلات في المطر ولكن النساء فقط يستخدمونها أيضا للحماية من الشمس
أرض هذه المدينة خصبة و مثمرة وما من بيت من البيوت الوافرة إلا وبه بستان عظيم الأشجار والخضراوات وغيرها؟
وبها نباتات غريبة تمت عمليات تدجينها مثلما يقومون بتدجين الحيوانات الغريبة ببلادهم
ونجحوا في زراعة نخيل البلح وإن كان لا يثمر
 القزويني في كتابه عجائب المخلوقات، وغرائب الموجودات يقول" نخل شجرة مباركة عجيبة، من عجائبها أنها لا تنبت إلا في بلاد الإسلام " وربما كان المقصود نخيل التمر 
توجد على مقربة من باريس عيون ماء بارد
ويشق باريس نهرها الشهير نهر السين
The Seineوالماء به نقي نوعاً ما مثل نيل مصر ونهر الجانج بالهند وهو مناسب لصحة الأبدان ويحسن إعداد الطعام به وهو يتجمد في الشتاء وتسير عليه العربات كما يقول الطهطاوي
]وذكر الطهطاوي نهر جوبلان ولكن تبينت أنه يقصد نهر صغيرا طوله نحو 34.6 كم ومعظم مساره الآن  تحت الأرض وهو نهر بيفر The Bièvre وكانت مقامة عليه أيام الطهطاوي مصانع جوبلان Gobelins للمنسوجات ويصب في الضفة اليسرى لنهر السين في باريس وتدريجيا تحول الى تحت الأرض كجزء من نظام تصريف مياه الأمطار [
(وانظر إلى زمن تلك المدينة، فإنه دائمًا معتم في سائر أيام الشتاء وغالب أيام الحر، فإذا تنزه الإنسان ساعة تنكد ساعة أخرى، وذهب حظه بالرعد والبرق، وانهطال المطر والصواعق، إلا أن الثلوج بها ومجاري البالوعات تقي من الوحل المضر)
ثم نظم الطهطاوي تشوقا لمصر قصيدة طويلة مطلعها
ناح الحمام على غصون البان  فأباح شيمة مغرم ولهان
وختمها بقوله
ولئن حلفت بأن «مصر» لجنة  وقطوفها للفائزين دواني
و«النيل» كوثرها الشهي شرابه  لأبر كل البر في إيماني
قارن الطهطاوي بين مصر وباريس في زمن الحر فقال أنهم في باريس يرشون الشوارع بالماء (
يصنعون دنا عظيمًا ذا عجلات، ويمشون العجلة بالخيل، ولهذا الدن عدة بزابيز، مصنوعة بالهندسة تدفع الماء بقوة عظيمة، وعزم سريع، فلا تزال العجلات ماشية، والبزابيز مفتوحة حتى ترش قطعة عظيمة في نحو ربع ساعة، لا يمكن رشحها بجملة رجال في أبلغ من ساعة)
ومن الأمور المستحسنة أيضًا أنهم يصنون مجاري تحت الأرض توصل ماء النهر إلى حمامات أخرى وسط المدينة، أو إلى صهاريج بهندسة مكملة. فانظر أين سهولة هذا مع ملء صهاريج مصر بحمل الجمال، فإن ذلك أهون مصرفًا، وأيسر في كل زمن، وشطوط هذا النهر داخل المدينة، مرصفة بحيطان عظيمة عالية فوق الماء نحو قامتين، يطل المار بجانبها على النهر، وهي محكمة البناء
توجد 16 قنطرة فوق نهر السين منها قنطرة "استرلتز 
Austerlitz "
نهر السين يشق «باريس» نحو فرسخين، وعرضه فيه مختلف؛ فعند قنطرة استرلتز يكون من الطول مائة وستة وستين مترًا
تحيط بباريس كالسور كما تشقها صفوف منتظمة متوازية من الأشجار مثل التي بطريق «شبرا» وفي «أبي زعبل» يستظل المار بها من حر الشمس، وتسمى « البلوار
Boulevard» أوالجادّة ‏و هو شارع أو مسار واسع عموما  مع صفوف من الأشجار على طول ضفتيه وعدد (بلوارات) «باريس» اثنان وعشرون (بلوارًا)
وفي المدينة نحو 75 من الميادين الفسيحة مثل ميدان الرميلة بالقاهرة في الاتساع، لا في الوساخة ولها 58 باب كباب النصر بالقاهرة
وبهذه المدينة أربع قنايات "ترع " من العيون وثلاثة دواليب لجري المياه بالنواعير، إلا أنها عظيمة، وستة وثمانون صهريجًا، ومائة وأربع عشرة حنفية على الطرق
-------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق