الجمعة، 10 يونيو 2022

الطاعون الكبير

 وكانت سنة 749هـ  كثيرة الوباء والفساد بمصر والشام من كثرة قطع الطريق وتفرد منجك وأخيه بيبغا أرس بتدبير المملكة‏

بدأ  الطاعون بمصر في رجب عام 748هـ / اكتوبر1347م قادما من الأسكندرية  وآشتد بديار مصر في شعبان ورمضان وشوال وارتفع في نصف ذي القعدة ، فكان يموت بالقاهرة ومصر ما بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف نفس ‏"‏ إلى عشرين ألف نفس ‏"‏ في كل يوم‏ ، وعملت الناس التوابيت والدكك لتغسيل الموتى للسبيل بغير أجرة وحمل أكثر الموتى على ألواح الخشب وعلى السلالم والأبواب وحفرت الحفائر وألقيت فيها الموتى فكانت الحفيرة يدفن فيها الثلاثون والأربعون وأكثر
ولم يكن هذا الوباء كما عهد في إقليم دون إقليم بل عم أقاليم الأرض شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا وجميع أجناس بني آدم وغيرهم حتى حيتان البحر وطير السماء ووحش البر
وكان أول آبتدائه من بلاد القان الكبير " الصين " ثم  تبريز وإلى بلاد الخطا والمغول فهلكوا بأجمعهم من غير علة في مشاتيهم ومصايفهم وعلى ظهور خيلهم وماتت خيولهم وصاروا جيفة مرمية فوق الأرض وكان ذلك في 742هـ  ، ثم اتصل الوباء ببلاد الشرق جميعها ببغداد أيضًا وبلاد أزبك وبلاد إسطنبول وقيصرية الروم ثم دخل أنطاكية حتى أفنى من بها‏ ثم عم الوباء جبال ابن قرمان وقيصرية ففني أهلها ودوابهم ومواشيهم‏ ثم وقع ذلك في بلاد الأكراد  وبلاد سيس فمات أهلها وخلت سيس‏
يقول ابن الوردي
سكان سيس يسرهم ما ساءنا  وكذا العوائد من عدو الدين
 الله ينفذه إليهم عاجلًا      ليمزق الطاغوت بالطاعون
ثم وقع في بلاد الخطا مطر عظيم لم يعهد مثله في غير أوانه فماتت دوابهم ومواشيهم عقيب ذلك المطر حتى فنيت وهلك ستة عشر ملكًا في مدة ثلاث أشهر
ابتدأ الوباء  epidemic بمدينة حلب ثم بالبلاد الشامية كلها وبلاد ماردين وجبالها وجميع ديار بكر وأفنى بلاد صفد والقدس والكرك ونابلس والسواحل وعربان البوادي حتى إنه لم يبق ببلد جينين غير عجوز واحدة خرجت منها فارة و كذلك بالرملة وغيرها وصارت الخانات ملآنة بجيف الموتى ، ولم يدخل الوباء معرة النعمان من بلاد الشام ولا بلد شيزر ولا حارم
ومات بمدينة غزة في شهر واحد زيادة على اثنين وعشرين ألف إنسان حتى غلقت أسواقها‏
وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي
قد قلت للطاعون وهو بغزة قد جال من قطيا إلى بيروت
 أخليت أرض الشام من سكانها وأتيت يا طاعون بالطاغوت
ويقول أيضاً
رعى الرحمن دهرًا قد تولى يجازي بالسلامة كل شرط
وكان الناس في غفلات أمر فجا طاعونهم من تحت إبط
ويقول أيضاً
تعجبت من طاعون جلق إذ غدا وما فاتت الآذان وقعة طعنه
فكم مؤمن تلقاه أذعن طائعًا على أنه قد مات من خلف أذنه
"جلق من نواحي دمشق ، ومن خلف ألأذن يقصد الغدد اللمفية"
جمال الذين محمد ابن نباتة يقول
سر بنا عن دمشق يا طالب العي - - ش فما في المقام للمرء رغبه
رخصت أنفس الخلائق بالطا - - عون فيها فكل نفس بحبه
ويقول جمال الدين إبراهيم المعمار
قبح الطـاعـون داء فقدت فيه الأحبه
بيعت الأنفـس فـيه كل إنـسـان بـحـبـه
ويقول أيضا
يا طالب المـوت أفـق وانـتـبـه هذا أوان الـمــوت مـــا فـــاتـــا
قد رخص الموت على أهله ومـات مـن لا عـمـــره مـــاتـــا
وقال الشيخ بدر الدين حسن بن حبيب الحلبي في المعنى من قصيدة أولها‏
 إن هذا الطاعون يفتك في العا - - لم فتك امرىء ظلوم حسود
 ويطوف البلاد شرقًا وغرباً  ويسوق الخلوق نحو اللحود
وأخذ إبن تغري بردي في وصف بثور وخراريج والنزيف الرئوي وقال بموت المصاب في خمسين ساعة فقط 
ثم عم الوباء بلاد الفرنج وابتدأ في المواشي ثم في الأطفال والشباب ، فلما شنع الموت فيهم جمع أهل قبرس من في أيديهم من أسرى المسلمين وقتلوهم جميعًا من بعد العصر إلى المغرب خوفًا من أن تفرغ الفرنج فتملك المسلمون قبرس وهلك لهم في هذا الوباء ثلاثة ملوك وهلك الرابع في جزيرة مجاورة لجأوا اليها  ، ولكثرة من كان يموت في جزائر الفرنجة صاروا يلقون الأموات في البحر
وقدمت مراكب إلى الإسكندرية وكان فيها 332 رجل ما بين تجار وعبيد فماتوا كلهم ولم يصل منهم غير أربعة من التجار وعبد واحد ونحو أربعين من البحارة
يقول إبن الوردي
إسكندرية ذا الوبا    سبع يمد إليك ضبعه
صبرًا لقسمته التي تركت من السبعين سبعه
ويقول أيضاً
يا رحمتا لدمشق من طاعونها  فالكل مغتبق به أو مصطبحْ
كم هالك نفث الدما من حلقه  أوَما تراه بغير سكين ذُبحْ
وقال قبيل موته بحلب
ولستُ أخاف طاعوناً كغيري فما هو غير إحدى الحسنيينِ
 فإن متُّ، استرحتُ من الأعادي وإن عشتُ، اشتفتْ أذني وعيني
وعم الموت جزيرة الأندلس بكمالها إلا مدينة غرناطة فإنهم نجوا ومات من عداهم ، و عم الموتان أرض إفريقية بأسرها جبالها وصحاريها ومدنها وجافت من الموتى وبقيت أموال العربان سائبة لا تجد من يرعاها‏ ، ثم أصاب الغنم داء فكانت الشاة إذا ذبحت وجد لحمها منتنًا قد اسود وتغير وماتت المواشي بأسرها ، ثم وقع الوباء بأرض برقة إلى الإسكندرية فصار يموت في كل يوم مائة
ثم وصل إلى مدينة دمنهور وتروجة والبحيرة كلها حتى عم أهلها وماتت دوابهم ومواشيهم ، وشمل الموت أهل البرلس ونستراوة وتعطل الصيد من البحيرة بموت الصيادين
وصارت الأموات على الأرض في جميع الوجه البحري لا يوجد من يدفنها‏ ، وماتت الفلاحون بأسرهم إلا القليل فلم يوجد من يضم الزرع
وبدأ الوباء في أهل بلبيس وسائر الشرقية في ربيع الآخر 749هـ فجافت الطرقات بالموتى ومات سكان بيوت الشعر ودوابهم ومواشيهم وامتلأت مساجد بلبيس وفنادقها وحوانيتها بالموتى ولم يبق مؤذن وطرحت الموتى بجامعها وصارت الكلاب فيه تأكل الموتى‏
وفي شعبان تزايد الوباء بديار مصر وعظم في شهر رمضان وأرسلوا السلطان الى سرياقوس وقد دخل فصل الشتاء فرسم بالاجتماع في الجوامع للدعاء‏ واشتد الوباء بعد ذلك حتى عجز الناس عن حصر الموتى ، ولم يحتج أحد في هذا الوباء إلى أشربة ولا أدوية ولا أطباء لسرعة الموت ، وخرج الأمر عن الحد ووقع العجز عن العدد وهلك أكثر أجناد الحلقة وخلت الطباق بالقلعة من المماليك السلطانية لموتهم ، فما أهل ذو القعدة إلا والقاهرة خالية مقفرة لا يوجد بشوارعها مار بحيث إنه يمر الإنسان من باب زويلة إلى باب النصر فلا يرى من يزاحمه لاشتغال الناس بالموتى‏ ، وخلت أزقة كثيرة وحارات عديدة من الناس وصار بحارة برجوان اثنتان وأربعون دارًا خالية
وإذا ورث إنسان شيئًا انتقل في يوم واحد عنه لرابع وخامس‏
تم حصر عدة من صلي عليه بالمصليات خارج باب النصر وباب زويلة وباب المحروق وتحت القلعة ومصلى قتال السبع تجاه باب جامع قوصون في يومين فبلغت ثلاث عشرة ألفًا وثمانمائة سوى من مات في الأسواق والأحكار وخارج باب البحر وعلى الدكاكين وفي الحسينية وجامع ابن طولون ومن يتأخر دفنه في البيوت‏
ويقال‏:‏ بلغت عدة الأموات في يوم واحد عشرين ألفًا وحصرت الجنائز بالقاهرة فقط في مدة شعبان ورمضان فكانت تسعمائة ألف سوى من مات بالأحكار والحسينية والصليبة وباقي الخطط خارج القاهرة وهم أضعاف ذلك‏ ، وعدمت النعوش وكانت عدتها ألفًا وأربعمائة نعش فحملت الأموات على الأقفاص ودراريب الحوانيت وصار يحمل الاثنان والثلاثة في نعش واحد وعلى لوح واحد‏
ثم شمل الوباء في آخر السنة بلاد الصعيد بأسرها ولم يدخل الوباء ثغر أسوان ولم يمت به سوى أحد عشر إنسانًا
وتواترت الأخبار من الغور وبيسان وغير ذلك أنهم كانوا يجدون الأسود والذئاب وحمر الوحش وغيرها من الوحوش ميتة وفيها أثر الكبة‏ " أي الغدد اللمفية وهي الطور الأول من الطاعون وبعدها التسمم الدموي والطور الثالث هو الطاعون الرئوي pneumonic plague وينتقل بالهواء
فلما جاء النيل ووقع أوان التخضير تعذر وجود الرجال فلم يخضر إلا نصف الأراضي ولم يوجد أحد ليشتري القرط الأخضر ولا من يربط عليه خيوله‏
‏ خلت بلاد الصعيد مع آتساع أرضها بحيث كانت مكلفة مساحة أرض أسيوط تشتمل على ستة آلاف نفر يؤخذ منها الخراج فصارت في سنة الوباء هذه تشتمل على مائة وستة عشر نفرًا‏. وآنحط سعر القماش حتى بيع بخمس ثمنه وأقل ولم يوجد من يشتريه وصارت كتب العلم ينادى عليها بالأحمال فيباع الحمل منها بأرخص ثمن‏ وانحط قدر الذهب والفضة حتى صار الدينار بخمسة عشر درهمًا بعد ما كان بعشرين‏ ، وعدمت جميع الصناع فلم يوجد سقاء ولا بابا ولا غلام وارتفعت أجورهم " الجامكية " وبلغ ثمن راوية الماء ثمانية دراهم لقلة الرجال والجمال وبلغت أجرة طحن الإردب القمح دينارً
ويُقال " إن هذا الوباء " جائحة pandemic " أقام يحور على أهل الأرض مدة خمس عشرة سنة "
 ( الطاعون الأسود: ظهر في الفترة ما بين 1330/1353 م، وقُدِرَ عدد المتوفين بسببه حول العالم بحوالي 75 مليون فردًا ، انطلق المرض من آسيا ليصل لدول البحر المتوسط وغرب أوروبا في عام 1348م، ربما من خلال الجنود الايطاليين الهاربين من النزاع في شبه جزيرة القرم، وتسبب في وفاة ما يقدر بحوالي 20 إلى 30 مليون أوروبي في 6 سنوات، بما يعادل ثلث سكانها، وبما يصل إلى نصف سكان المدن الحضرية الأكثر تأثرًا. وكانت هذه الدورة الأولى لتفشي هذا الطاعون الأوروبي، والذي استمر حتى نهاية القرن الثامن عشر. وقد تفشى ما يزيد عن مئة طاعون في أوروبا خلال هذه الفترة. وصار المرض يتكرر في إنجلترا بمعدل مرة كل سنتين أو ثلاث أو أربع أو خمس سنوات وذلك خلال الفترة من 1361م إلى 1480م. ويعد طاعون لندن العظيم في عامي 1665، 1666م آخر اندلاعات هذا المرض في إنجلترا. وتسبب هذا المرض في وفاة حوالي مئة ألف فردًا، بما يمثل 20% من سكان لندن)
أخذ الوباء يتناقص في مصر في محرم 750هـ

الخميس، 14 يناير 2021

كارم محمود - أمانة عليك يا ليل طول (جودة عالية)

 

مع فتحي قورة وكارم محمود ، كم يعني الليل للحالمين ؟؟؟
أمانة عليك يا ليل طوّل، وهات العمر م الأول
بحب جديد وقلبي سعيد، ياريتني عشقت عام اول
أمانة أمانة، أمانة أمانة، أمانة يا ليلي يا ليلي
يا ليل طوّل على العشاق، وقول للفجر مايبانش
يهون العمر ع المشتاق، وساعة القرب متهونش
يغنيلك، يا ليل يا ليل، على السهران يا ليل يا ليل
ترد عليه نجوم الليل، تقولّه كمان من الأول
أمانة أمانة، أمانة أمانة، أمانة يا ليلي يا ليلي
سنين فاتت وانا خالي، أنادي الحب واتمنّاه
وآديني عرفته وبقالي أمل في الدنيا بستنّاه
و اغنيلك، يا ليل يا ليل، على الفرحان يا ليل يا ليل
ترد عليا نجوم الليل، تقولّي كمان من الأول
أمانة أمانة، أمانة أمانة، أمانة يا ليلي يا ليلي
حبيبي البدر لما يبان، و عوده الغصن لما يميل
خدوده الورد في البستان، عيونه السحر فيها جميل
حبيبي يا ليل، عروس الليل، على العرسان يا ليل طوّل
أغنيله واقول يا ليل، يقولي كمان من الأول
أمانة أمانة، أمانة أمانة، أمانة يا ليلي يا ليلي