حلقة 64 من المنهج الوافي في رحلة الطهطاوي
السان سيمونيون وقناة السويسالنشيد الذي كتبه الطهطاوي بالعربية وترجمه كلوت بك الى الفرنسية وتعزر الحصول على الأصل العربي وترجمتُه من الفرنسية الى العربية فجاءت من جوجول كالأتي
نعم هذا برزخ السويس القديم هذه المساحة الصخرية هذه الصحراء الفارغة القاحلة
سيغزو البحر إمبراطوريته وبالتالي ستطول شواطئنا
وحب هذا البحر للبحر الأخر كحب اللؤلؤ لثدي الجميلات
هناك سوف تتجول سفننا مثل الرجال والعرائس
الذين نحبهم سوف يركضون بيننا
أن رجال الصحارى رجال المناطق المزروعة الذين يجذبهم سحر هذه الفائدة الجذابة
سوف يأتون إلينا مثل الأمطار المثمرة
وسوف تأتي عجائب صناعتهم لتداعبنا
سيأتي علماء من جميع البلدان لزيارتك مشاهير الذكاء سيحبون مصرنا
وعندما نلتقي برجل مشهور سنجعله كالصيد في شباكنا
إذهبوا وقولوا للغرب والشرق إذهبوا وقولوا للأجانب والعرب
لقد أزاحت المسافات الحجاب الذي كان يغطيهم ومجتمعنا يزدهر الى الأبد
نجم التجارة يسطع في سمائنا يعود الحظ ليعيش بيننا
نور المشورة يأتي إلينا من الدول الأجنبية و وجاؤنا يمس الهدف أخيرا
أعلنوا لجميع الأمم ،الممالك ، للأمبراطوريات أننا نتمتع بصداقة دائمة
وأن هذا التعاطف هو فينا هبة الطبيعة
---------------
حلقة 65
فكرة شق قناة السويس أو بمعنى أصح وصل البحر الأبيض بالأحمر فكرة قديمة جدا عمرها نحو اربعة آلاف عام أو أكثر
قد سجلت إحدى اللوحات المنحوتة علي الواجهة الخارجية للجدار الشمالي لمعبد الكرنك، أن الملك سنوسرت الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشر، الذي حكم مصر من حوالي أربعة آلاف سنة هو أول من حفر قناة صناعية على الأرض لتربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر من طريق الفرع البيلوزي، آخر فروع شرقي النيل القديمة وكان ينتهي في بيلوز"بالوظة" شرقي بور سعيد الآن، حتى تصل إلى مدينة بوبست"تل بسطة" الزقازيق حالياً
ثم تتجه شرقاً إلى بلدة نيخاو، أبو صوير حالياً، حيث كانت تقع البحيرات المرة والتي كانت تعتبر نهاية خليج السويس
وبدأ استخدام تلك القناة عام 1874 قبل الميلاد، وكانت لهذه القناة دوراً مهماً في تاريخ مصر، إذ كانت البضائع تنقل من طريقها إلى مختلف أنحاء العالم
ربما أعاد سيتي الأول ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشر حفر القناة في حكمه ( 1319 - 1300) ق م
وفي عهد نخاو الثاني الذي حكم مصر ( 610 – 595) ق.م، وهو ثاني ملوك الأسرة السادسة والعشرين، اتجه إلى إعادة حفر القناة، بادئاً بالمنطقة بين خليج السويس والبحيرات المرة، إلا أن العمل توقف نتيجة لنبؤة العرافة "ميليت" ـ وهي إحدى كاهنات معبد هليوبوليس، ووجدت نبوءاتها في برديات بإحدى مقابر طيبة وبعضها في متحف برلين حالياً ـ إذ قالت: "لقد أمرت رجالك أيها الملك العظيم ـ تقصد "نخاو" ـ بأن يعيدوا حفر القناة التي سبق لسلفك العظيم سيتي الأول حفرها، لتوصيل البحر الشمالي ببحر أروتري الجنوبي، مارة بالبحيرات المرة ... إني أرى وراء الغيب أن عملك هذا سيجلب الغزو على مصر، فحفر القناة سيعود بالفائدة على الغريب دون القريب، على الأجنبي دون الوطني. إنك اليوم تتقاضى الرسوم على مرور الناس بأرضك وعلى مرور التجارة، وتتحكم في مصير البضائع والناس. أما غداً، عندما تفتح القناة، فسيمر بها الجميع، وتجذب الجميع ... ستجذب مطامع أعدائك، فتفقد السيطرة على القناة، وتجعل للخطر منفذاً إلى قلب بلادك ... فبحق الآلهة، وبحق الوطن عليك، مرّ بوقف العمل، وكف عن مواصلة الحفر، لا كانت القناة ولا كان الاتصال"
وفي عهد الاحتلال الفارسي لمصر، ظهرت أهمية برزخ السويس في خطوط المواصلات البحرية بين مصر و فارس عبر البحر الأحمر، وإبان حكم دارا الأول، ملك الفرس (522 – 485) ق.م تم وصل البحيرات المرة بالنيل وإعادة شق قناة بين البحيرات المرة وبرزخ السويس وهكذا تم ربط العاصمة المصرية منف ببلاد فارس وذلك عام 510 ق.م، كانت السفن تسير خلال مواسم فيضان النيل فقط
يعتقد شروع الأسكندر الأكبر في إعادة توصيل البحرين وفي عهد البطالمة أمر بطليموس الثاني، الذي تولى عرش مصر، ( 285 - 246 ) ق.م، بحفر القناة طبقاً للمشروع الذي أعده الإسكندر الأكبر، وتوصيل النيل بالبحيرات المرة، ثم البحر الأحمر، وقد تم ذلك خلال سنتين، وسُمِّيت قناة الإغريق. واستمرت هذه القناة 200 سنة، حتى أهملت وأصبحت غير صالحة للملاحة، إلي أن احتل الرومان مصر
في عهد الإمبراطور الروماني تراجان (Trajan) ، أعاد الملاحة للقناة، بشق قناة من فم الخليج ( حي مصر القديمة ) وينتهي في وادي طميلات بمحافظة الشرقية متصلاً مع الفرع القديم الموصل للبحيرات المرة. وافتتحت تلك القناة عام 117 ق.م، واستمرت في أداء دورها لمدة 300 سنة، ثم أهملت حيث أصبحت غير صالحة لمرور السفن
فتح عمرو بن العاص مصر 641م و وضع مشروعا لإنشاء قناة جديدة، تربط مباشرة بين البحر المتوسط والبحر الأحمر و رأي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أن حفر القناة بين البحرين يعرض الدولة الإسلامية لغزو يشنه الروم مستخدمين تلك القناة. واكتفى بتجديد قناة الرومان، التي تربط الفسطاط، عاصمة مصر، وبحر القلزم (خليج السويس) عام 642م، وسميت بقناة أمير المؤمنين
ويُعَدّ هذا المشروع ترميم وإصلاح للقناة القديمة، وكانت مياه القناة عذبة تتغذى من النيل، وصالحة للملاحة، ويبلغ طولها 150 كم وعرضها 25 متر وعمقها ما بين 3 إلى 4 أمتار. وكانت تستخدم في التجارة بين العرب ودول العالم. واستمرت صالحة للملاحة 150 عاما، إلى أن أمر الخليفة العباسي، أبو جعفر المنصور بردم القناة تماماً وسدها من جهة السويس، منعاً لأي إمدادات بالمؤن والعتاد من مصر إلى أهالي مكة المكرمة والمدينة المنورة الثائرين ضد الحكم العباسي
وصارت البضائع الهندية وتجارة الشرق تأتي الى السويس وتنقلها الجمال الى القاهرة ثم من خلال النيل إلى رشيد ودمياط ومنها الى أوربا وكانت رسوم عبور تلك البضائع المصدر الرئيسي لثروة كل حكام مصر والتجار الفرنسيين والإيطاليين الذين يحملون تلك التجارة على سفنهم الى أوروبا
وجاء إكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح ليضرب المصالح المصرية التجارية خاصة في مقتل وتضررت فرنسا ودويلات إيطاليا
إحتكر الإنجليز والهولنديين تجارة الهند الشرقية عبر رأس الرجاء الصالح
أعلن ملك فرنسا، الملك لويس الرابع عشر والملقب "بملك الشمس" الحرب على هولندا سنة 1672م، لكي يتخلص من منافستها
ولكن الفيلسوف الألماني، ليبيتز، رفع إلى الملك لويس الرابع عشر وصية مؤرخة في 15 مارس 1672م، جاء فيها (... أريد أن أتحدث إلى جلالتكم في مشروع غزو مصر، فلا يوجد بين أجزاء الأرض جميعها بلد يمكن السيطرة منها على العالم كله وعلى بحار الدنيا بأسرها غير مصر، وهى تستطيع أن تلعب هذا الدور لسهولة، استيعابها لعدد كبير من السكان، ونظرا إلى خصب أرضها العديم المثال. ولقد كانت في ماضي الأيام مهداً للعلوم ومحرابا لنعمة الله، ولكنها اليوم معقل للديانة المحمدية التي تضر بنا. ولماذا تخسر المسيحية تلك الأرض المقدسة، التي تصل آسيا بأفريقيا، والتي جعلت منها الطبيعة حاجز بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، ومدخلا لبلاد الشرق جميعا، ومستودعا لكنوز أوروبا والهند، ولديكم من وسائل الملاحة ما يجعل مصر سهلة المنال ... إن موقع مصر الفذ سيفتح أمامكم خزائن الشرق ذي الثراء الهائل، وسيربطكم مع الهند برباط وثيق، وينعش تجارة فرنسا، ويعبر الطريق أمام غزاة عظام خليقين بالانتساب لمجد الاسكندر
... وإذا كان ولا بد من تبسيط المسائل فإني أرى أن غزو هولندا من طريق مصر اسهل من غزوها في عقر دارها، لأنكم بغزو مصر تنتزعون من هولندا خزائن الشرق ونفائسه، وهي لن تشعر على الفور بهدفكم، وإذا فطنت له فلن تقدر على مواجهته، وإذا ما تجاسرت على تحدى غزوكم لمصر فإنها ستكبل نفسها بسخط العالم المسيحي، في حين أن غزوها في عقر دارها يجعلها تظهر بمظهر المعتدى عليها، ويدفعها إلى الانتقام مؤيدة برأي عام أوروبي لا ينظر إلى مطامع فرنسا بعين الارتياح. فأولئك يمقتون المسلمين، ومعهم الذين يحقدون على فرنسا سينظرون بعين الرضا والارتياح إلى هجومكم على بلاد المسلمين، والأولون مشربون بروح المسيحية والآخرون يرجون أن تتعرض فرنسا لخصم جديد، يستنفد قوتها العسكرية فيريح أوروبا منها))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق