الأحد، 28 يوليو 2024

 حلقة 61

كان السان سيمونيون مفتونون بإعجاب محمد علي  بنابليون ولكنهم فشلوا في إقناع محمد علي بإتمام إنشاء القناطر أو حفر قناة السويس  ، وكانت مغامرتهم في نصر بين 1833-1851م جزءاُ من لعبة التحالفات والصدامات والتنافس الدولي بإعتبار محمد علي حليفاً لفرنسا
والكتاب يقول أن الفلاحين في مصر كانوا يطلقون عليه " ظالم باشا" المحب للأجانب
والدكتورأنور لوقا مترجم كتاب مذكرات «إدريس أفندى فى مصر».. كواليس الحكم والسياسة والقصور بعيون بريس دافين
((الفنان وعالم الآثار والمصريات والمعمارى والرسام الكاتب والمستشرق الفرنسى « إميل بريس دافين
Émile Prisse d'Avennes» من كثرة اندماجه فى الفلاحين والبسطاء من أبناء الشعب أحبوه وأطلقوا عليه اسم «إدريس أفندىIdriss-effendi » الذي عاصر حكم محمد علي وعمل معه عدة سنوات و مع عدد من خلفائه أيضا، وكان قريبا من قصر الحكم
و «ظالم باشا» هو محمد على نفسه، ويقول «إدريس أفندي» فى مذكراته إن المصريين أطلقوا عليه هذا الوصف، بسبب ظلمه لهم، وجوره عليهم، عبر السخرة فى العمل، والإرهاق المتواصل لهم بالضرائب، التى كانت تفرض عليهم بمناسبة ودون مناسبة، بحيث بات أى قرش يكمن فى جيب مواطن مصرى هدفاً للوالى، فالمصريون فى نظره كانوا حبات سمسم لا بد أن تُعصر بشدة حتى يخرج منها الزيت الذى يُشكل وقود مشروعه فى التحديث
وعن مشروع محمد علي يقول إدريس أفندي 
 إن «ظالم باشا» استهدف بناء مجده الشخصى، وليس مجد مصر والمصريين، عبر حكومته حكومة فردية لا تستمد قوتها وهيبتها إلا من شخصه، أما المصريون «شهداء الدولة» فهم الألعوبة الدائمة فى أيدى رجال الإدارة، أصحاب الأمر والنهى، والتصرّف فى قوم جهلة لا نصير لهم ولا خوف من شكواهم وتذمرهم
 ربط المشروع بشخصه والمواطن عنده لم يكن يزيد على نفر من أنفار الزراعة، أو الصناعة، أو الدواوين، أو الجهادية، وأنه عبد لولى النعم، وأداة فى يده، يعمل ويكد ولا يرى فى النهاية عائداً لعمله وكده، بل يجد كرباج السلطة يلهب ظهره، أو جامع الضرائب الذى يسرق ماله، أو كيلتين غلة نهاية الشهر، بدلاً من مرتبه، يبيعهما له الوالى بالسعر الذى يحدّده
السلطة الظالمة التى تتعامل مع المواطن بنظرية «آخذ منك ولا أعطيك شيئاً» عمرها لا تفلح أبداً
هذه المذكرات كانت جريئة فى إذاعة أسرار القصور العامرة بألوان المجون والحماقة والسرف
وكان بريس ديفين مهندسا معماريا حضر إلى مصر عام 1829م ليلتحق بخدمة محمد على باشا مهندسا للرى فى بادئ الأمر، ثم أستاذا للطبوغرافية فى مدرسة أركان الحرب بالخانكة، وفى الوقت نفسه مربيا لأبناء إبراهيم بن محمد على
تميز حكم محمد على فى مذكرات «إدريس أفندى» بطابع القسوة والظلم والإرهاب
.. ينقل مناظر تعذيب أفراد الشعب، ويؤكد أنه كان تعذيبا رسميا منظما، ويتكرر فى كل يوم وفى كل قرية وفى كل مدينة، بل وفى أسواق القاهرة، ويذكر أن الفلاحين أطلقوا على «محمد على» لقب «ظالم باشا» لفرط ما نالهم من التعذيب على أيدى مأموريه، فمن الكى بالقرميد الأحمر المحمى فى النار إلى تسمير آذانهم، إلى تمزيق أجسامهم بالكرباج(( نص ترجمة مذكرات بريس دافين موجود على صفحات النت  ))
----------
ونعود الى السان سيمونيين في مصر حين يرون أن مصر محمد علي لم تتحسن فيها النظافة أو التغذية أو التعليم أو حتى الأخلاق
فقد إغتصب الباشا ميراث المماليك وإغتصب المساجد والأوقاف والملكيات الخاصة وإحتكر الأرض والتجارة والصناعة ولم يتخذ إجراءات فعالة لمعالجة بؤس الشعب وجهله
كان غول مصر كنابليون المحارب "الغول
" ومعيد العبودية لسابق عهدها
وقالوا أن سليمان باشا إستكشف جبل الزيت وعاد الى الباشا ببترول جبل الزيت وقدمه له بوصفه مصدراً للإضاءة ، وأنه شارك في قمع تمرد شعبي بالصعيد كان صدى للحركة الوهابية وبعدها شارك سليمان في حروب اليونان والشام وأنه مات عام 1860م وله نسل متصل باسرة محمد علي فقد تزوجت كريمته من محمد شريف باشا (رئيس وزراء مصر لعدة مرات) وأنجب منها فتاة تزوجت من وزير الزراعة آنذاك عبد الرحيم صبري باشا
 أثمر هذا الزواج عن ملكة مصر السابقة «نازلي صبري» أو الملكة نازلي زوجة الملك أحمد فؤاد وأم الملك فاروق آخر ملوك مصر  ، قامت ضجة كبيرة في مصر بعد زواج الأميرة فتحية أخت الملك فاروق من رياض غالي، وسمّت نفسها باسم ماري إليزابيث واعتنقت المسيحية هي ووالدتها نازلي
-----------
السان سيمونيون قالوا أن إبراهيم باشا كان عكس أبيه التركي كان يؤكد أنه مصري وتعلم وتكلم العربية ولكنه كان شخصية عنيفة وملامح قاسية ويُشاع عنه عدم إحترام لحياة البشر و قام برحلة علاجية في أوروبا عامي 1845و 1846م للعلاج من السل وعاد وتولى الحكم لمرض محمد علي ولكن إبراهيم باشا مات في 9 نوفمبر 1848م ولحق به أبوه في 2 أغسطس 1849م
جاء عباس الأول ليحكم مصر بصفته أكبر أعضاء اسرة محمد علي وكان معارضا كبيراً لسياسة محمد علي وإبراهيم باشا
-------------
يكتب كلوت بك في كتابه لمحة عامة عن مصر أن نابليون هو صاحب فكرة أقامة سدود على فرعي النيل عند بطن البقرة " الفسطاط القديمة " وتسمح بمضاعفة الإستفادة من مياه النيل وان المهندسين الفرنسيين نقلوا الفكرة لمحمد على
أما لينان فيقول أن محمد علي كان يهدف لبناء سد كبير لنقل المياه الى فرع دمياط بهدف توفير مياة الري لشرق ووسط الدلتا وضمان الملاحة طوال العام في فرع دمياط ، وكان مقررا شق 3 رياحات كبري لري شرق و وسط و غرب الدلتا
كانت القناطر يُفترض أن تكون مزودة ببوابات وعيون
فرع رشيد عليه 24 قوس وبوابة وعرض الواحد 10 أمتار وفي وسط القوس قوس عرضه 34 متر مفتوح دائما لمرور المياة وبه قناة ملاحية عرضها 16 مترا، وفرع دمياط عليه 16 قوس ببوابات مع قوس في الوسط مفتوح دائما

كما كانت هناك أهوسة   
يقول السان سيمونيون أن الباشا كان يجمع بالسخرة نحو 25 الف فلاح للحفر في ترعة المحمودية التي مات فيها ما بين 12 الى 20 الف فلاح وبعضهم دفنوا أحياء ، ويقولون لقد تخطت السخرة والمذابح في ترعة المحمودية حدود الذهن الغربي في هذا الخصوص
ويقول إنفانتان عن أعمال وضع أساسات القناطر أن 12 الف فلاح أكثرهم من المسنين والأطفال كانوا يحفرون وينقلون التراب بالقفف" وصلوا على مدار شهرين" وكانوا في حالة وسط بين ( العبودية و الإقطاع الغربي ) ، وكان يتم إستبدالهم كل شهر
قدم إنفانتان مذكرة في أغسطس 1834م جاء فيها أن نقص الخبز وأخشاب التدفئة كان سبباً لنشوب المعارك بين الفلاحين وبين الحراس وقد تمكن أربعة آلاف منهم من الهرب من القنطرة الشرقية وحدها
وطلب في المذكرة معاملة الفلاحين بطريقة أفضل لتجنب هروبهم كما طلب عدم تجنيد المسنين فوق 40 سنة والأطفال أقل من 10 سنوات
وطلب في المذكرة تكوين جيش من العمال الفلاحين من 18 الف مقسمين الى كتائب وطوائف ( بنائين و نحاتي أحجارونجارين وحدادين وبرادين ) وسرايا للردم وتتبع جميعها للهندسة المدنية في مصر
وكل كتيبة بها 6 معلمين مهرة في التخصصات براتب شهري 25 قرش ورواتب شهرية لباقي العمال مع تقديم ( غطاء وحقيبة وذي موحد وطاقية )
18 الف يعمل منهم في الموقع ستة آلاف وستة الأف يغادرون ويقابلون ستة الأف قادمون
أي أن السيمونيين أرادوا للعمال " أجر مقابل جهدهم " كما طلبوا اصطحاب العمال لزوجاتهم وأولادهم وإقامة مدينة لهم في الموقع وبهذه الطريقة لن يفر العمال من العمل ويحصلون على راحة كافية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق