حلقة 53 من المنهج الوافي في رحلة الطهطاوي
من هو سان سيمون ؟؟هو الكونت هنري دي سان سيمون Claude Henri de Rouvroy, comte de Saint-Simon)، الباريسي النشأة ( 1760م - 19 مايو 1825 م) وكان فيلسوفا فرنسيا يميل إلى مبدأ تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية. وكانت دعوته موجهة إلى الاهتمام بالصناعة، ونوه إلى أهمية الحياة البرلمانية في الاقتصاد، ودعى إلى أن يكون البرلمان مكونا من ثلاثة مجالس هي:
مجلس الاختراع. مجلس الفحص. مجلس التنفيذ
وبذلك تتمثل في الحكومة هيئات من قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والمهندسين.
كان يبشر بتكافؤ الفرص واشترك سان سايمون في الثورة الأمريكية مدفوعا بحماسه وإخلاصه، وأيد الثوار الفرنسيين في فرنسا و تعرض في حياته إلى الجوع والتشرد حتى تمكن من صياغة أفكاره ونظرياته التي تهدف الى قيام مجتمع عادل " يوتوبيا"
وكان من أتباع سايمون الفيلسوف أوغست كونت، والمهندس فرديناند دي لسبس الذي قام بحفر قناة السويس في مصر.
بعد موته حول أتباعه نظرياته الى مذهب إشتراكي يدعو إلى إلغاء الميراث و أن تؤول الثروة بعد وفاة صاحبها إلى الدولة. كما نادوا بسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج ولكنها تعهد به إلى المقتدرين لمصلحة المجموع العام
و كل شخص له من العمل ما يتناسب مع كفاءته في الإنتاج ، والصناعيون يجب عليهم تولي السلطة فهم الرؤساء الحقيقيون للشعب، والأمة هي ورشة صناعية واسعة، تزول فيها فروق المولد والنسب، وتبقى اختلافات القدرات
والصناعيون عنده هم ( رؤساء المصانع ورجال البنوك و المهندسون والعمال والفلاحون أيضاً)
وكان شعارهم الشهير المنسوب الى الكونت سان سيمون
( لكل حسب قدرته ، ولكل حسب عمله A chacun selon ses capacités, à chaque capacité selon ses œuvres)
والذي تحور فيما بعد الى الشعار الماركسي
(من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته De chacun selon ses moyens, à chacun selon ses besoins)
From each according to his ability, to each according to his needs"
ولا يوجد تقدم اقتصادي من دون تقدم اجتماعي، ولا يوجد تقدم اجتماعي من دون الأخلاق، ولا أخلاق من دون البحث عن العدالة
وقد كانت آراؤه وراء بدايات نظرية الاشتراكية ونظرية « الفلسفة الوضعية Positivism » وهي نظرية إلحادية ترى أن كل العلوم البشرية لا بد أن تؤيَّد بالحس والتجربة عدا علم المنطق فهو يحدد طريقة تفكير البشر وتعصمه عن الخطأ في الفكر
""أهرام مصر بالنسبة الى سان سيمون تشهد على حالة طفولة الإنسانية حيث كانت هناك لذة في بناء كومة من الأحجار ""
وهو إذ يقبل أن يكون العرب في طليعة العلوم حتى القرن الخامس عشر الميلادي فإنه يضم تحت كلمة البربرية كل آلهة مصر القديمة والهند والإسلام الذي حسبما يرى تبنى ونشر "الأحكام المسبقة للبربرية بقوة السلاح " وفي إطار هذه النظرة للعالم التي تُعد الى درجة كبيرة تجديداً للحروب الصليبية فإن ديانة محمد تُستخدم كمنفّر يهدد الهوية الإسطورية لأوروبا
وقد جانب التوفيق كلا من المترجم والمراجعين حين لم ينقدوا رأي سان سيمون في الإسلام
ورأى أنصار سان سيمون"الورثة الفكريين للمفكر هنري سان سيمون" في دولة مصر، وحكم محمد علي فرصة لتطبيق أفكارهم، لذا فقد سافر الكثير منهم إلى مصر للمساهمة في نهضتها ، وكانوا مهندسون وأطباء وفنانون ، إنخرطوا في العمل التحديثي لمحمد على في مصر ( مدرسة المهندسخانة وقناطر الدلتا وقناة السويس )
يرى السان سيمونيون أن كل مؤسسات الدولة يجب أن يكون هدفها تحسين الوضع الأخلاقي والحي والثقافي للطبقة الأكثر فقرا والأكثر عدداً، مع التنظيم السلمي للعمال في نقابات
لقد كان السان سيمونيون في باريس هم من أنشأوا أول بنك تجاري، وأطلقوا أول مجلة مصورة شعبية، وبنوا أول خط سكة حديد للركاب، وتفاوضوا على أول معاهدة للتجارة الحرة، وروجوا لقناة السويس.
من المؤكد ان الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م حملت معها نوعا من الغزو الثقافي أيضا ولم ينتهي هذا الغزو بجلاء الفرنسييون بل أعقبته حملة ثقافية ثانية حملتها البعثة العلمية الكبرى التي عادت من فرنسا في رمضان 1246هـ / فبرايرعام 1831م ، وفي أعقابها دخل السان سيمونيون الى مصر عام 1248 / 1833م فيما يشكل الموجة الثالثة من فرنسة مصر ثقافيا بقيادة إنفانتان
المجمع العلمي
شكل نابليون المجمع العلمي من 165 فرد من مهندسين و فنيين وأطباء وعلماء نبات وحيوان وحشرات وجيولوجيا ورسامون وكان رئيس المجمع جاسبار مونج Gaspard Monge وقام مونج مع الكيميائي بيرتوليه Claude Berthollet بإحصاء موارد مصر ومناجمها ودرسوا برزخ السويس وصحراء شبه جزيرة سيناء
طرح المهندس لوبير Jacques Marie Lopere فكرة الربط المباشر بين البحرين الأحمر والأبيض
علماء المصريات قاموا بنسخ نقوش المعابد والمقابر والتي سمحت لشامبليون بفك رموز اللغة المصرية القديمة ( الهيروغليفية ) ودرس دينون Dominiqu Vivant Denone تلك المعابد والمقابر
أما المهندس فوريه Jean Baptiste Joseph Fourier فقد قام بإعداد وبناء التحصينات في القاهرة وخارجها
إهتم أعضاء المجمع بتنقية مياه النيل وتحسين حالة أفران الخبز المصرية
----------------
من هو إنفانتان Barthélemy-Prosper Enfantin ؟؟ ( 1796-1864م) كان مصلحًا اجتماعيًا فرنسيًا، وأحد مؤسسي السان سيمونية. وكان أيضًا من دعاة شق قناة السويس بإعتبارها المشروع الرئيسي للسان سيمونيين في مصر
كان مصرفيا ومن مؤسسي صندوق الرهن العقاري Caisse Hypothécaire La وفي نفس الوقت عضوا في منظمة (كاربونيريـّا Carboneria أي الكاربوناري (Carbonari السرية الإيطالية الثورية
وصاغ إنفانتان مع زملائه المهندسين إستكتاب لجمع المال للمتمردين اليونان ومدهم بالأسلحة أثناء حروب المورة
تعرف عام 1825م على الكونت دو سان سيمون وإعتنق منه الاشتراكية الطوباوية " الخيالية" السان سيمونية وصار من قادة الحركة السيمونية وبحلول عام 1829م أصبح أحد الرؤساء المعترف بهم للحركة
ترك إنفانتان صندوق الرهن بعد ثورة يوليو عام 1830م وكرّس كل طاقته للدعوة للحركة السان سيمونية في بعض المدن الرئيسية في فرنسا مفضلاً للتدريس والوعظ بهدف التغيير الاجتماعي والأخلاقي وأعلن إنفانتان عن نظام الحب الحر "free love" بديلا عن طغيان الزواج "tyranny of marriage" في العلاقة بين الرجل والمرأة أي الإباحية
أصبح إنفانتان "الأب" الوحيد أي الرئيس الأسمي للحركة " المسيحية الجديدة" ذات التوجه الديني الجديد بشكل رئيسي ، كان أتباعه في حدود 40.000 فرد و إرتدى على صدره شارة تحمل لقب الأب Père ، وقد أشار إليه وعاظه باسم "القانون الحي "the living lawأي أنه هو القانون الذي يسيطر على الحياة نفسها ولو لم يكن موضوعا قانونيا ، وأعلن نفسه مختارًا من الله ، وأرسل مبعوثين بحثًا عن امرأة مقدر لها أن تكون " أنثى المسيح female Messiah" وأم المخلص الجديد ولكنه فشل في بحثه عنها
لاقت أفكاره رواجا في أوروبا ورأت السلطات أنه يعرض الأخلاق العامة للخطر وقد أعلن إنفانتان أن الفجوة بين الجنسين واسعة للغاية وأن هذا التفاوت الاجتماعي من شأنه أن يعيق النمو السريع للمجتمع وفي مايو 1832م أغلقت الحكومة قاعات الطائفة الجديدة، ومثل الأب مع بعض أتباعه أمام المحاكم وتم سجنه مع ميشيل شوفاليه Michel Chevalier وتشوهت سمعته وبعد إطلاق سراحه ذهب برفقة عشرين من أتباعه، وكثير منهم أيضًا مهندسون من مدرسة الفنون التطبيقية، بما في ذلك تشارلز جوزيف لامبرت Charles Joseph Lambert المعروف أيضًا باسم لامبرت بك، وبعض النساء إلى إسطنبول وبدأت المجموعة في التبشير بقوة بآرائهم حول العلاقات بين الجنسين والمسيحية الجديدة. وطلبت منهم الدولة العثمانية المغادرة لتجنب السجن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق