الأحد، 28 يوليو 2024

 حلقة 66 من المنهج الوافي في رحلة الطهطاوي

نجح تجار فرنسا المقيمون بمصر في خلق رأي عام فرنسي يلح في طلب شق قناة في برزخ السويس لتصل بين البحرين وطالبوا بالتدخل المسلح في مصر لتحقيق هذا المشروع وأيدهم الإقتصاديون الفرنسيون
وقد تنبه سلاطين آل عثمان إلى رغبة الأوربيين في السيطرة على هذا الطريق، فأصدروا الفرمانات والأوامر بمنع وصول أي مراكب أوروبية ورسوها في السويس
في عهد على بك الكبير
تمكنت سفينة فرنسية صغيرة قادمة من الحبشة أن تصل إلى السويس محملة بهدايا لعلي بك وحاول الإنجليز جعلها ذريعة للوصول بمراكبهم إلى السويس ولكن صدر فرمان ثاني بمنع السفن الإنجليزية من مياه السويس
ربما كان علي بك الكبير ( 1768-1773) ممن فكروا في إعادة حفر قناة خليج المؤمنين
زار نابليون وفريقه الهندسي موقع القناة القديمة وعوضا عن إعادة ترميمها طلب من مهندس الطرق والكباري لوبيير
Jacques-Marie Le Père  دراسة الربط المباشر بين خليج السويس وخليج الطينة ( بور سعيد )
مع شقيقه جراتيان Gratien وآخرين نفذ ثلاثة برامج خلال عام 1799م و استنتج أن هناك فرقًا قدره (30 قدم و6 بوصات) تسعة أمتار بين منسوبي البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر
  فبدأ التفكير في إعادة حفر القناة القديمة التي كانت تصل البحر الأحمر بالنيل من خلال قناة تبدأ من جنوب حوض البحيرات المرة الى سرابيوم  ثم في وادي الطميلات حتى بوبسطة على بحر مويس ومنه عبر فرع دمياط الى رأس الدلتا ومنه الى فرع رشيد حتى الرحمانية ثم قناة من الرحمانية الى الأسكندرية
وبذلك يصبح طول المسافة بين الإسكندرية والسويس طبقاً لمشروع (لوبير) حوالي 435 كيلومتر و هذا الطريق الغير مباشر يفيد
التجارة الداخلية لمصر
ولحل مشكلة اختلاف مستوى سطح البحريْن، اقترح لوبير، كذلك شق قناة بطول نحو90 كم من شمال البحيرات المرة وتسير موازية للساحل الشرقي لبحيرة المنزلة حتى الفرما على البحر المتوسط ، ومع القناة بين السويس وبين البحيرات المرة
 وتكون المسافة بين السويس والفرما نحو 150 كم في هذه الحالة
وضع لوبير خطة لتنفيذ المشروع الذي قدر نفقاته بنحو 30 مليون فرنك، واستخدام عشرة آلاف عامل لمدة 4 سنوات ورأى لوبير إعطاء إمتياز الحفر لشركة تجارية حتى يستبعد تأثير عدم ثبات الحكومات والوزراء كما يتمثل الإطار التنفيذي والإجتماعي إقامة مستعمرة فرنسية على الضفاف الشرقية للبحر المتوسط وتدعمها حكومة مركزية وتحميها وتقوم بالجلب الحصري"اي إحتكار " لبضائع الهند" أي أن مشروعه هذا بعيد جدا عن تنمية مصر بل يهدد إستقلالها
-----------------
وطّد أتباع سان سيمون علاقاتهم بأفراد الجالية الفرنسية في مصر، وفي مقدمتهم ميمو
(Mimaut) القنصل الفرنسي وفرديناند دي لسبس نائب القنصل، ودي سيريزي، منشئ الأسطول المصري والترسانة المصرية بالإسكندرية.
خلال فترة وجوده في مصر، درس لامبير السان سيموني باهتمام أعمال مهندس الحملة الفرنسية لوبير
 J-M Le Père، و أعد لامبير دراسات جدوى لثلاثة مشاريع لحفر قناة السويس وأرسلها الى إنفانتان ولفتت انتباه الجمهورالباريسي إلى هذا المشروع أي أنه لم تموت فكرة وصل البحرين الأبيض و الأحمر، بعودة "أنفانتان" وبعض أتباعه إلى فرنسا
أرسل إنفانتان نتائج هذه المشاريع الثلاثة إلى 
لينان دو بلفون
Louis Maurice Adolphe Linant de Bellefonds )) وهو مهندس فرنسي كان يعمل في الحكومة المصرية، و اهتم لينان بالفكرة وبذل في سبيلها جهداً ووقتاً كبيرين.
عمل لينان " لينان باشا فيما بعد " كبير مهندسي الأشغال العمومية في مصر مع مهندس الهيدرولوليكا يوجين موجيل بك Eugène Mougel Bey في المشروع الذي نفذه لاحقًا فرديناند ديليسبس
كان لينان دى بلفون قد زار برزخ السويس في عامي 1820- 1821م، وتعقب أثر القناة القديمة ودرس الأمور الفنية، والهندسية عامي 1827/ 1829م ولوجود فارق بين مستوى البحرين كما رأى وضع مشروعاً على هذا الأساس عام 1830م و يقوم بتوصيل البحرين بطريق غير مباشر كما كان يعتمد على ماء النيل أمام القناطر، وإقامة الأهوسة عند الطرف الجنوبي للبحيرات المرة التي يملؤها ماء النيل، وكان عمل الأهوسة بغرض تلافي الفرق في مستوى البحرين
( وهو الخطأ الذي استمر حتى القياسات التي أجراها بول أدريان بوردالو
Paul-Adrien Bourdaloue في عام 1847م)
وكانت القناة في مشروعه لا تختلف عن مشروع لوبير إلا في شيء واحد وهو إنشاء القناطر على النيل عند رأس الدلتا في مشروع لينان
والمشروعان يخدمان الملاحة الداخلية في مصر أساسا ولا يخدمان الملاحة البحرية بين البحريين كما كان ينتظر العالم
. ولكن كان مشروع لينان أطول  حيث اعتمد لينان على اعتبار القاهرة مركزاً تجارياً هاماً على الطريق المائي بين البحريين
وقد اهتم ميمو، القنصل الفرنسي بالقاهرة، ونائبه فرديناند ديليسبس ، بمشروع لينان، وأثار هذا الاهتمام رغبة ديليسبس في أن يكون هو باعث مشروع القناة
.
------------------
نشر المحامي الفرنسي السان سيموني أوجست كلان عام 1838م في مجلة
Les Deux Mondes تأييدا لخط السكة الحديد بين السويس والقاهرة إلى الأسكندرية ( الخط الذي تعارضه فرنسا بقوة ) ولكنه رأه لا يغني عن قناة مباشرة من السويس الى خليج الطينة ، وإذا كانت إنجلترا تعمل سراً لإعادة فتح الطريق الى الهند عبر مصر لحسابها فهي بدون أن تدري تفيد العالم كله ف
هناك قانون قدري يقول بأنه سواء ما أخذنا ما هو شخصي ( بمعنى المصالح الأنانية) لنقطة بداية أو إستلهمنا تطلعاتنا من خلال التفاني فإننا نحقق دائما التقدم و التضامن الإجتماعي أي لا تعارض في النهاية بين الشخصي والتفاني " مذهب Charles Fourier " أو الفوريورية وهو فيلسوف وإقتصادي فرنسي
وعاد عام 1840م لينشر أن رفض محمد علي لخط السكة الحديد بسبب رفضه قيام الإنجليز ببناء حصون إنجليزية مسلحة لحماية الخط من العربان وأن الحل في نظر كولان هو شركة عالمية أوروبية بدون جنسية ويكون لها فصائل مسلحة متعددة الجنسات على غرار شركة الهند الشرقية لحماية الخط
ونشر اوجست كلان في ديسمبرعام 1845م تكملة لمنشوره السابق يتضمن بالإضافة الى قناة البحرين وخط السكة الحديد حفر قناة للمياه العذبة لري الصحراء وطلب:
1- نزع ملكية القناة وطلب تخلي الباب العالي عن جميع حقوق السيادة على البرزخ والإعلان عن عدم جواز ملكية أية دولة له
2- لا يكون لباشا مصر السلطة لإعاقة تنفيذ المشروع ولكن يتفق مع الشركة على شروط منحها ملكية الأراضي
3- تحصل الشركة لمدة 99 سنة على الرسوم وفي نهاية المدة تعود الملكية الى (المجال العام للأمم )
4- وجود الشركة أبدي غير محدد المدة  وبعدإنتهاء ال 99 سنة تكتفي الشركة بالحد الأدنى من الرسوم لصيانة الأعمال ودفع أجور العاملين
5- حق الشركة في حراسة الممر وتأمينه ولها حق طلب المساعدات الأمنية من أي جهة بما في ذلك القوى الأوروبية الخمسة
6- حظر مرور السفن الحربية القناة وحظر استخدام السكة الحديد في نقل قوات حربية  وحق الشركة في تفتيش أي سفينة
وهذا تفكير سان سيموني خالص يهدف الى تأسيس مفهوم "ملكية الجنس البشري للمشروعات"
------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق