الأحد، 28 يوليو 2024

 حلقة 70

 وبعد مقتل عباس باشا وتولى سعيد باشا الولاية على مصر، اتصل به دي ليسبس، مهنئاً، ثم التقاه في نوفمبر 1854م وعرض عليه فكرة المشروع، وقد عاونت جمعية دراسات قناة السويس، دي ليسبس بالاتصال بالإمبراطور نابليون الثالث لإقناعه بمشروعهم، وقد شجعهم الإمبراطور وطالبهم الإسراع بتكوين هيئة لتنفيذ المشروع وإعداد خطة لتنظيم الشركة العالمية التي ستقوم بتنفيذه. أعدت الجمعية هذا التنظيم، ووافق عليه الإمبراطور
 وأرسلت نسخة من التقرير إلي دي لسبس. كما رفع نجريللى في 20 مارس 1855م نسخة من هذا التنظيم إلي وزارة الخارجية النمساوية وكذا البارون (دي بروك) الذي صار وزيراً للمالية، راجيا أن تظل النمسا متمسكة بالأسس التي قامت عليها جمعية الدراسات والتي يقوم عليها كذلك هذا التنظيم
 وكان تنظيم مجلس الإدارة الذي وضعته جمعية الدراسات هو لمجلس إدارة شركة عالمية لقناة السويس يتكون من الدول الكبرى الثلاث ـ إنجلترا وفرنسا والنمسا ـ إلى جانب مصر، ووزعت المناصب بين الدول الثلاث بحيث لم يكن لأي دولة من تلك الدول إمتياز على غيرها، ولم تكن مصر ممثلة في هذا المجلس على قدم المساواة مع الدول الأوربية الثلاث، وعهد التنظيم إلى (دي لسبس) بمنصب المدير العام.
 كانت الشكوك تساور أعضاء جمعية دراسات قناة السويس من انشقاق دي لسبس عنهم ومحاولة الإنفراد بالمشروع لنفسه
وقد تحقق ذلك عندما وجدوا خطاباتهم المرسلة إليه لا تحظى برد، وقد كشف دي لسبس عمّا بداخل نفسه في إحدى رسائله إلى والدة زوجته مدام دي لامال (
Mme de lamalle) فقال لها في 22 يناير 1855م:
 "إنني أعترف بأن ما أطمح إليه هو أن أنسج وحدي خيوط هذا المشروع، وبالاختصار، لا أرغب في أن أقبل شرطاً من أحد، بل غرضي أن أُملي على غيري شروطي جميعاً".
 وفي أواخر فبراير 1855م، أفصح دي لسبس عن حقيقة نواياه، عندما أبلغ أخاه تيودور رأيه في جمعية دراسات قناة السويس بقوله إنها أصبحت في ذمة التاريخ، وأنكر وجود أي صلة بينه وبين أحد من أعضائها، مستنكراً تقديم الجمعية لمشروع تنظيم "مجلس إدارة الشركة العالمية لقناة السويس" إلى الإمبراطور نابليون الثالث من دون إخطار دي لسبس به قبل تقديمه أو استشارته.
(( نابليون الثالث إمبراطور فرنسا ( 1852 ـ 1870م)، الإمبراطورية الثانية، وهو ابن لويس بونابرت ملك هولندا، وأخو نابليون الأول، وقد ولد في باريس عام 1808م، وتوفى في 1873م، بعد ثلاث سنوات من سقوط إمبراطوريته))
وتأكد ذلك عندما أبلغ دي لسبس البارون دي روك، في 4 مايو 1855م رغبة الوالي في اختياره هو والمهندس النمساوي نجريللي وحدهما من بين أعضاء جمعية الدراسات ضمن الأعضاء المؤسسين في الشركة الجديدة عندما يتم تكوينها، وعمل دي لسبس على الوقيعة بين جمعية الدراسات وكبار الشخصيات في فرنسا لإضعاف مركز الجمعية
 وقد تحقق ذلك عندما بذل دي لسبس كل جهده بالقاهرة لإتمام المشروع كمجد شخصي له
كان مشروع قناة السويس مشروع فرنسي التفكير على الأرض المصرية  وحفرها المصريون ودفعوا تكاليف حفرها من القروض وظلت مصر ترزخ تحت وطأة المرابين والديون زمنا و تم إحتلال مصر ولم تحصل على عوائد من القناة التي آلت ملكيتها الى الشركة العالمية لقناة السويس البحرية 
وتعرض المصريون لأبشع صور العذاب والسخرة والظلم في حفرها وسقط منهم نحو مئة وعشرين الف شهيد نشر 12 محرم 1446هـ / 20 يوليو 2024م

---------------
حلقة 71


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق