الحلقة 32
ومن المحال العلمية بمدينة باريس موضع يقال له: «الكنسروتواز» كلمة فرنساوية معناها المخزن أو المحفظ، أو نحو ذلك، وفي هذا المحل جميع الآلات سواء العظيمة وغيرها، خصوصًا الآلات الهندسية، كآلات الحيل، وتحريك الأثقاليكثر بباريس مدارس سائر العلوم والفنون والصنائع، و لعلم الطب فيها مدارس كثيرة
و العلماء في مدينة «باريس» لهم مجامع عظيمة تسمى بأسماء مختلفة، فمنها ما يسمى: «أكدمة "اكاديمية"»، ومنها ما يسمى: مجمعًا أو مجلسًا
«الأنسطيطوت» عندهم اسم عام يشتمل على جميع «الأكاديميات» أي المجالس الخمس، وهي أكاديمية اللغة الفرنساوية «أكاديمية العلوم الأدبية ومعرفة الأخبار والآثار، و«أكاديمية» العلوم الطبيعية والهندسية، و«أكاديمية» الصنائع الظريفة أي الفنون الجميلة Les Beaux Arts و«أكاديمية» الفلسفة،
و«أكاديمية» لفظ مأخوذ من «أثينا» حيث كان أفلاطون الحكيم يعلِّم فيه تلاميذه، وكان صاحب المكان اسمه: «أكدمس»، وقد جعل هذا المكان وقفًا لأهل مدينة «أثينا»، فصيروه بستانًا يتماشون فيه، ويتفرجون،
فكان يدرس فيه أفلاطون، ومنه قيل لجماعة أفلاطون «أكدميون» ويقال لهم «أفلاطونيون»
يرون أن "الطريقة المثالية للوصول للحقيقة هي عن طريق العقل المجرد وليس الحواس"
وأن " الأجزاء الثلاثة للإنسان وهي العقل والروح والنفس"
و" الأفلاطونية تعتبر الفكرة سابقة للمادة " وتحاول الإجابة عن السؤال " أيهما أسبق في الوجود المادة أم الفكر ؟؟" " الروح أسبق من الجسد عند أفلاطون"
وهم مشهورون أيضًا في كتب العربية بالإشراقيين ويقال لهم أيضًا إلهيون
«ظهور الأنوار الإلهية في قلب الإنسان الصوفي ( العارف)». فيما عرف آخرون الإشراقية بأنها «معرفة الله من طريق الكشف أو نتيجة لانبعاث نور من العالم غير المحسوس إلى الذهن».
ويطلق «أكاديميون» في فرنسا الآن على أهل أكدمة الفرنسيس، وهم كبار علماء الفرنساوية، و إذا قيل« أكاديمية مصر»، فالمراد بها الجامع الأزهر؛ فهو ديوان أكابر علماء مصر
وديوان العلوم الفرنسي هو الأكاديمية وهي من أربعين عضوا ووظيفتهم تأليف القواميس الفرنساوية، وإمتحان مؤلفات العلوم الأدبية وكتب التاريخ
رفض أعضاء الأكاديمية قبول عالم متميز ولكنه كثير المجون، فصار يهجو أعضائها وأوصى أن يكتب على قبره ما معناه " هذا قبر من لم يصل إلى درجة أيّا ما كانت حتى لو بلغت هذه الدرجة في الحقارة درجة هؤلاء العلماء"
وأكادمية « تقييد الفنون الأدبية» من 30 عضوا ووظيفتها الاشتغال باللغات الحية تكميل آداب العلوم الفرنساوية بما خلت عنه، مما هو في كتب علوم اللغات الغريبة؛ كاللاطينية، والعربية، والفارسية، والهندية، والصينية، واليونانية، والعبرانية، والقبطية وغيرها
«أكادمية العلوم الملكية» وأهلها موزعون على فروع الرياضيات كالهندسة والحساب، وعلوم الحيل كعلم جر الأثقال ونحوه" الميكانيكا " ، والعلوم الفلكية ، و الجغرافية والعلوم التجريبية، وعلم الطبيعة العامة والطبيعة، وعلم المعادن والأحجار، وعلم الحشائش، وتدبير مصاريف الأرض، وتطبيب الدواب، والتشريح، وفن الطب والجراحة
«أكاديمية مستظرفات الفنون Les Beaux Arts » الفنون الجميلة وفروعها الرسم و النحت والعمارة والنقاشة و فن تركيب الموسيقى
و مكتب الفنون الظريفة، وهو مكتب موقوف على تعليم علم الرسم وتوابعه والنقاشة والعمارة
ومن مجالس العلوم جمعية تسمى: «أثينة الفنون» وهي تعين على تقدم الفنون والصنائع، وهي كالحكم الذي ينفذ الأشياء، ويقضي فيها برأيه
ومنها: «أثينة باريس» الملكية، وهي محل علوم وفنون، والتعلم فيها مقابل دفع مال والمدرسون فيها أرباب فضل
جمعية تسمى «جـمـعـيـة محبو العلوم La Socièté philomathique » والغرض من هذه الجمعية الإعانة على التقدم في علوم التولّدات، وهي مرتبة الحيوانات والنباتات والمعادن
وجمعية تشتغل بعلوم اللغة الفرنسية و تدوين العلوم الأدبية، وحفظ غريبها؛ حتى لا تفسد لغة الفرنسيس، وإذا اخترع الإنسان معنى غريبًا، أو أجاب عن سؤال غريب أو قال شعرًا مقبولاً، فإنهم يعطونه جائزة ذلك
جمعية «حسن الدروس» ووظيفتها تعليم الآداب والدين الكاثوليكي
ومنها: جمعية" أكاديمية" «أكدمة أبناء أبلون Sons of Apollon » يعني الأدباء، وهي مجلس أرباب الفنون الأدبية
ومنها:«الجمعية الأسيوية La Société Asiatique » وتعني بلغات أهل آسيا " اللغات الشرقية" و تحصيل كتبها وترجمتها إلى الفرنساوية و طبعها
ومنها: جمعية تسمى «الجمعية الجغرافية» وهي معدة لتحسين وتكميل علم الجغرافيا، وتشجع الناس على السفر إلى البلاد المجهولة الأحوال، فإذا سافر فيها إنسان ورجع يطلبون منه سائر ما علقه عليها، فتأخذ ما علقه وتقيده وتدخله في كتب الجغرافيا؛ ولذلك كان ذلك العلم عند الفرنساوية دائمًا يأخذ في الكمال. وبالجملة: فهذه الجمعية هي التي تخدم سائر ما يتعلق بالجغرافيا، كطبع الخرائط ونحوها.
ومنها: الجمعية «الغرماتيقية grammaticale» المشتغلة بنحو اللغة الفرنساوية ووظيفة هذه الجمعية: الاشتغال بتصحيح اللغة وتجديد اصطلاحات، أو إبقاء الاصطلاحات القديمة؛ لأن اللسان الفرنساوي لسان غير ثابت القواعد كتابة وقراءة.
جمعية تسمى «جمعية المولعين بالكتب الخزائنية» ووظيفة أهل هذه الجمعية الحث على طباعة الكتب النافعة النادرة
جمعية للخطاطين، وأهلها يشتغلون بإجادة الخط.
جمعية المغناطيسية الحيوانية،Société de magnétisme animal وهي جماعة تقول: بوجود سيال مغناطيسي في الحيوان
جمعية «حفظة آثار القدماء»، وهي جمعية معدة لحفظ سائر ما يوجد من الآثار الباهرة عند القدماء؛ كبعض مبانيهم، ومومياهم، وملبسهم ونحو ذلك، والبحث عن ذلك؛ ليتوصل به إلى دراسة عوائدهم، ففي ذلك يوجد كثير من الأمور النفيسة المأخوذة من بلاد مصر، كالحجر المصور عليه فلك البروج المأخوذ من «دندرة» فإن الفرنساوية يتوصلون به إلى معرفة الفلك على مذهب قدماء أهل مصر، فإن مثل ذلك يأخذونه بغير شيء إلا أنهم يعرفون مقامه، فيحفظونه، ويستخرجون منه نتائج شتى، ومنافع عامة
و مكتبة تسمى «مكتبة الأطوال»، وبها ثلاثة مهندسون، وأربعة فلكيون، وأربعة بحرية، وواحد جغرافي، فيشتغلون بعلم الهيئة "الفلك" وتأليف التقاويم السنوية، وتحرير الزيج zij "الجداول الفلكية لحركات الكواكب"، وذكر أبعاد البلاد
الجمعية السلطانية في علوم الفلاحة، وتحرير توفير المصاريف البرانية والجوانية وأهل هذه علماء، أغنياؤهم يعطون الجائزة لمن يخترع شيئًا جديدًا نافعًا
جمعية لتحسين الأصواف، ووظيفة أهلها مباشرة ما يتعلق بالغنم
ومنها: جمعية تعين على حث الفرنساوية على البراعة في الفنون والصنائع، وهي تعين الصنائع بسائر أنواعها على التقدم، فإذا اقترح إنسان شيئًا نافعًا أخذ من أهل هذه الجمعية تحفة عظيمة وشهرة
وفي باريس مدارس ملكية تسمى: «الكوليج Collèges »وهي مدارس يتعلم فيها الإنسان العلوم المهمة التي تكون وسائل في الأمور المقصودة منها، وهي خمسة مدارس يدرس فيها صناعة الإنشاء والتآليف، والألسن القديمة الغريبة، والعلوم الرياضيات، وعلم التاريخ، والجغرافيا، والفلسفة، وأصول الطبيعيات، يعني كتبها الصغيرة، وعلم الرسم، وعلم الخط وفيها مراتب للطلبة
فإن الإنسان يسلك فيها في العادة مرتبة كل سنة، ففي كل سنة من ست سنين يخرج الإنسان من مرتبة إلى أعلى، فهي بالترقي، لا بقوة الفهم ولا بغيره، فلا يمكن للإنسان أن يتعدى أبدًا [مرتبته].
وهناك (مدرستان) آخريان غير ملكية وفيهما يدرسان ما يوجد في (الكولجات) الخمسة السابقة
وفيها (كوليج) آخر يسمى ( الكلية الملكية الفرنسية) وهو أعظمها فيتعلم فيه الرياضيات، والطبيعة المخلوطة بالحساب، والطبيعة العملية، والهيئة، والطب، والتشريح العمليان
وفيه تعلم اللغات: العربية والفارسية، والتركية، والعبرانية، والسريانية، والهندسة، ولغة أهل الصين، وعلومهم، ولغة التتار، والحكمة اليونانية التي هي فلسفة اليونان، وعلم الفصاحة والبلاغة في اللسان اللاتيني، وعلوم بلاغة اللغة الفرنساوية
وهذه (الكلية) بها أكابر المدرسين، وفيها ستة آلاف طالب
ومن أشهر المدارس: مدرسة «بوليتقنيقا L’Eçole polytechnique » يعني مدرسة كليات العلوم، وفيه يدرس الرياضيات، والطبيعيات، لتربية مهندسين في علم الجغرافيا، وفي العسكرية، فمهندسو الجغرافيا يهندسون القناطر والأرصفة والطرق والجسور والخلجان، وكل آلات الحبل ورفع الأثقال، وأما مهندسو العلوم العسكرية، فهم يهندسون القلاع والحصون والبروج، والتوقي من ضرر الأعداء، واتخاذ العراضي، وهندسة تسييب البارود، وأرباب هذه المدرسة محققون، لهم باع في سائر العلوم، ويكفي في فضل الإنسان أن يكون من تلاميذها
مكتب يسمي «مكتب الفروع الفقهية» فيدرسون فيه أحكام المعاملات والجنايات ونحوها
مكتب موقوف على تعليم علم الرسم، فيدرس فيه الذكور والإناث علم التصوير
مكتب الغناء الملكي ويتعلم فيه أيضًا الذكور والإناث علم الألحان الصوتية والغناء الكنائسي
مكتب موقوف أيضًا على الرسم والرياضيات، لتكون وسائل للفنون، فيتعلم فيه الحساب، والهندسة، والقياس، ونحاتة الحجر والخشب، وعلم المساحة، وتصوير البهيمة، والآدمي، والأزهار وأنواع الزينة.
مكتب القناطر والجسور: وفيه يتعلم هندسة الطرق والخلجان والأرصفة.
مكتب الملكي لتعلم علم المعادن، وفيه يتعلم وسائط كشف المعادن واستخراجها
مدرسة الفنون والحرف يتعلم فيهما علما الكيمياء والهندسة الداخلان في الحرف والفنون، وفيها يوجد سائر آلات الصنائع الموجودة إلى هذا العصر
مكتب اللغات المشرقية المستعملة وفيه يتعلم الفارسي والماباري" الكردية ؟ " والعربية الأصلية والدارجة ولغة الترك والأرمن والروم
«مكتب الآثار L’Ecole de L’archéologie » ويعني بتفسير الكلمات المكتوبة من قديم الزمان في اللغات القديمة، فيفسرون فيه النقود والمعاملات المكتوبة في الأزمنة السالفة والأحجار المنقوشة، وترجمة الهياكل القديمة المكتوبة
مكتب ملكي يتعلم فيه تواريخ الدول وسياساتها ونحو ذلك
مكتب ملكي للموسيقى والإنشاء، والخطابة، وفيه يتعلم أهل التمثيل والغناء والآلاتية، من الذكور والإناث
مدرسة بستان الملك، التي هي بستان النباتات، وبها يقرأ ثلاثة عشر درسًا في جملة فروع؛ كعلم الحشائش، والطبيعيات، والكيميا، والمعادن، والتشريح، والمقابلة بين أجزاء بدن الآدمي والبهيمة
«مكتب البستنجية "علم فلاحة البساتين " » وفيه يتعلم علم زراعة الشجر، وحفظه من البرد وأقلمة النباتات الغريبة المنقولة على إقليم المحل الذي نقلت إليه
مكتب تقليم الأشجار غير المثمرة لإخراج ثمرها.
مكتب تعليم النباتات والمعادن لمن يريد السفر في بلاد ليميز نباتها ومعدنها
مكتب « الطب البيطري » وفيه يتعلم تطبيب البهائم، وفيه مارستانات للحيوانات المريضة، وفيه مدرسة كيميا، ومدرسة لعلم الطبيعة، وفيه العقاقير، وبستان حشائش، ومكتب للفلاحة العملية، وجملة أجناس من البهائم، معدة لتجربة اختلاف أصناف البهائم وأصولها، فيهجنون مثلاً الخيل على صنف آخر، كحصان عربي على حجرة" فرسة" أندلسية ليتولد منها صنف آخر
مكتب الصم البكم، وهو موقوف على مائة نفس، ويدخلون فيه من إحدى عشرة إلى ست عشرة سنة فيتعلم فيه القراءة والكتابة، والحساب واللسان، والتاريخ، والجغرافيا، وصنعة من الصنائع، وفي هذا المكتب (ورشة) يتعلم فيها علم الطباخة، والنقاشة، والنجارة والخراطة والخياطة، (والصرماتية) ونحوها
مكتب العميان الملكي، وهو موقوف على جملة محصورة من العميان، فيتعلمون القراءة على شيء مكتوب لهم كتابة مخصوصة فيمسونها باليد، ويتعلمون أيضًا علم الجغرافيا، على خرطات مخصوصة أيضًا، ويتعلمون التاريخ واللغات، والرياضيات، والموسيقى بالصوت وبالآلة، وغير ذلك من الحرف كشغل الجرابات ونحوه
وغير ما ذكرناه يوجد أيضًا عدة مدارس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق