الأحد، 28 يوليو 2024

 حلقة 13

ربما كان كتاب " تخليص الإبريز في تلخيص باريز" النافذة العربية الأولى على الفكر الأوروبي الحديث، وأحد الكتب المؤسسة لفكر النهضة العربية؛ بل لعله أهمها
والكتاب له إسم آخر غير شهير هو "الديوان النفيس بإيوان باريس"
يقول الطهطاوي عن الهدف من كتابه  ( ما رأيناه من الغرائب في الطريق، أو مدة الإقامة في هذه المدينة العامرة بسائر العلوم الحكمية، والفنون والعدل العجيب، والإنصاف الغريب، الذي يحق أن يكون من باب أولى في ديار الإسلام، وبلاد شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم)
ثم الغرض من وضع الكتاب
تمنى أن تكون العلوم الحكمية، والفنون والعدل العجيب، والإنصاف الغريب في بلاد المسلمين
والكتاب عبارة عن مقدمة
تحدث فيها عن سبب (ارتحالنا إلى هذه البلاد، التي هي ديار كفر وعناد ) وهو يرى أن( البلاد الإفرنجية قد بلغت أقصى مراتب البراعة في العلوم الرياضية، والطبيعة، وما وراء الطبيعة أصولها وفروعها، ولبعضهم نوع مشاركة في بعض العلوم العربية، وتوصلوا إلى فهم دقائقها وأسرارها، كما سنذكره، غير أنهم لم يهتدوا إلى الطريق المستقيم، ولم يسلُكوا سبيل النجاة، ولم يرشدوا إلى الدين الحق، ومنهج الصدق )
أما البلاد الإسلامية (( قد برعت في العلوم الشرعية والعمل بها، وفي العلوم العقلية، وأهملت العلوم الحكمية بجملتها ))
وبعد عرضه لمآثر الدولة العباسية ودولة الأندلس يكتب " أن الخلفاء كانوا يعينون العلماء وأرباب الفنون وغيرهم"
((فمن هنا تفهم أن العلوم لا تنتشر في عصر إلا بإعانة صاحب الدولة لأهله، وفي الأمثال الحكمية: "الناس على دين ملوكهم"

و تلك الإعانة ملخصها تشجيع الترجمة من الكتب الأجنبية ونقل العلوم المختلفة الى العربية
و ينبغي لأهل العلم حث جميع الناس على الاشتغال بالعلوم والفنون، الصنائع النافعة
و نقطة " جميع الناس" بالغة الأهمية فهي تعني عدم وجود طبقة كهنوتية تحتكر المعرفة بل جماهيرية المعرفة
و عدد الرافعي العلوم المطلوب نقلها الى العربية في رأيه:
 علوم أساسية لجميع الطلاب الحساب، والهندسة، والجغرافيا، والتاريخ، والرسم
علوم تخصصية وهي 
العلم الأول:
علوم سياسية (علم الحقوق الطبيعية، والحقوق البشرية، والحقوق الوضعية، وعلم أحوال البلدان مصالحها وما يليق بها، وعلم الاقتصاد و تدبير المعاملات والمحاسبات، والخازندارية وحفظ بيت المال. أي العلوم المالية
العلم الثاني علوم عسكرية.
العلم الثالث: العلوم البحرية وقيادة السفن
العلم الرابع:  العلوم الدبلوماسية  والسفارات ويلزمها معرفة اللغات (معرفة الألسن، والحقوق، والاصطلاحات)
العلم الخامس: الهندسة المائية ( إنشاء الجسور والقناطر والأرصفة البحرية ...الخ )
العلم السادس: الميكانيكا، وهي آلات الهندسة، وجر الأثقال.
العلم السابع: الهندسة الحربية.
العلم الثامن: فن الرمي بالمدافع وترتيبها، وهي فن (الطوبجية).
العلم التاسع: فن سبك المعادن، لصناعة المدافع والأسلحة وغيرها
العلم العاشر: علم الكيميا، وصناعة الورق، والمراد بالكيميا معرفة تحليل الأجزاء وتركيبها، ويدخل تحتها أمور كثيرة؛ كصناعة البارود والسكر وليس المراد بالكيميا حجر الفلاسفة، كما يظنه بعض الناس، فإن هذا لا تعرفه الإفرنج، ولا تعتقده أصلاً.
العلم الحادي عشر: العلوم الطبية المختلفة بما في ذلك  العلوم البيطرية
العلم الثاني عشر:  العلوم الزراعية  والألات المستخدمة فيها  والإقتصاد الزراعي
العلم الثالث عشر: علم التاريخ الطبيعي ( الأحياء والجيولوجيا والتعدين )
العلم الرابع عشر: صناعة النقاشة، وفروعها، فن الطباعة، وفن حفر الأحجار ونقشها، ونحوها
العلم الخامس عشر: فن الترجمة، يعنى ترجمة الكتب، وهو من الفنون الصعبة، خصوصاً ترجمة الكتب العلمية، فإنه يحتاج إلى معرفة اصطلاحات أصول العلم المراد ترجمتها، فهو عبارة عن معرفة اللسان المترجم عنه وإليه، والفن المترجم فيه
تطرق الطهطاوي بعد ذلك لوصف جغرافية العالم المعروف وقتها من قارات وجزر وبحار ومحيطات وأهم الدول والمدن
وكتب عن أسيا: "وأما بلاد «آسيا» فإنها منبع بلاد الإسلام، بل وسائر الأديان، وهي أوطان الأنبياء والمرسلين، وبها نزلت سائر الكتب السماوية، وهي تتضمن أشرف الأماكن والأرض المباركة، والمساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها، وفيها منشأ ومضم عظام سيد الأولين والآخرين، والصحابة"
" وبها، يعني ببلاد «آسيا» العرب، وهم أفضل القبائل على الإطلاق، ولسانهم أفصح الألسن باتفاق، وفيهم بنو هاشم، الذين هم مُلَح الأرض، وزُبَدة المجد، ودرع الشرف"
ويختم الطهطاوي المقدمة بذكر أن هناك 3 من أعضاء البعثة مُوكلون برياستها بالتناوب وهم عبدي أفندي المهردار و مصطفى مختار أفندي الدويدار و الحاج حسن أفندي الإسكندراني أما المشرف العام فهو المسيو جومار
---------------------------
الحلقة 14

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق