الأحد، 28 يوليو 2024

 

الحلقة 15
المقالة الثانية
وتتناول الرحلة من مرسيليا الى باريس
( جاء في كتاب رحالة و كتاب مصريون لأنور لوقا " أن مجلس إدارة عنابر اللاجئين المصريين  القادمين من قبل مع جيش نابليون قد منح أربعة منهم إجازة للسفر الى باريس ومرافقة البعثة المصرية)
حملت الزوارق أعضاء البعثة من السفينة الى منزل الحجر الصحي وهو متسع جدًا، وفيه حدائق عظيمة ومكثوا فيه 18 يوما
وذكر إختلاف فقهاء المغرب حول الكرنتينة بين معارض لها بإعتبارها من جملة الفرار من القضاء وبين من أباحها بل و أوجبها ، و ذكر أيضاً خلافهم حول كروية الأرض وكيف رأى بعض فقهاء المغرب أن الأرض كرة، ولا يضر اعتقاد تحركها أو سكونها
.
وبدأت الأمور الغريبة تقابل الطهطاوي فقد أحضر الخدم  وهم من الفرنسيين الكراسي للجلوس حول " الطبليات العالية" أي الموائد  ووضعوا عليها الأطباق وجعلوا قدام كل صحن قدحًا من (القزاز)، وسكينًا، وشوكة، وملعقة
وكيف وضعوا في كل طبلية صحنًا كبيرًا أو صحنين للطبيخ ويتم توزيعه على كل طبق
وان الأكل يتم بالشوكة والسكين الخاصة به ولا يتناوله باليد
و أول افتتاحهم الطعام يكون (بالشوربة)، ثم بعده باللحوم، ثم بكل نوع من أنواع الأطعمة، كالخضراوات والفطورات، ثم (بالسلطة) ثم يختمون أكلهم بأكل الفواكه، ثم بالشراب المخدر، إلا أنهم يتعاطون منه القليل، ثم بالشاي والقهوة، وهذا الأمر مطرد للغني والفقير؛ كل على حسب حاله
بعد ذلك أحضر الخدم لهم أسرة للنوم وكان ذلك غريبا على الطهطاوي
وبعد إنتهاء الحجر الصحي ركب الطهطاوي العربات المزينة " التي تستمر عندهم آناء الليل وأطراف النهار تقرقع" وذهبوا الى المدينة للتسلية حيث القهاوي و والقهاوي عندهم" ليست مجمعًا للحرافيش، بل هي مجمع لأرباب الحشمة" وأما الفقراء فإنهم يدخلون بعض قهاوي فقيرة أو الخمارات
يقول الطهطاوي أن الأسكندرية شبيهة بمرسيليا والفرق بينهما اتساع السكك والطرق اتساعًا مفرطًا لمرور جملة عربات معًا في طريق واحد وعادة نساء هذه البلاد: كشف الوجه والرأس، والنحر، وما تحته، والقفا، وما تحته، واليدين إلى قرب المنكبين
والعادة أيضًا أن البيع والشراء بالأصالة للنساء، وأما الأشغال فهي للرجال
لفتت "المقهى" القهوة الكبيرة التي دخلها الطهطاوي إنتباهه فقد كانت إمرأة تديرها ولها صبيان يعدون المشروبات وغيرهم يقدمونها للزبائن ، وأن المرأة تكتب الثمن في دفاترها ثم على ورقة صغيرة ما يطلبه الزبون  والقهوة مزينة بالمرايا الكبيرة ويقدمون الصحف اليومية للمطالعة فيها أثناء تناولهم القهوة
أمضى الطهطاوي مدة إقامته في مرسيليا بعد (الكرنتينة) في تعلم تقطيع الحروف، يعني تعلم تهجي اللغة الفرنساوية
يوجد في مدينة مرسيليا كثير من نصارى مصر والشام الذين خرجوا مع الفرنساوية حين خروجهم من مصر، وهم جميعًا يلبسون لبس الفرنسيس، وندر وجود أحد من المسلمين الذين خرجوا مع الفرنسيس؛ فإن منهم من مات، ومنهم من تنصر، والعياذ بالله، خصوصًا المماليك، الجورجية والجركسية، والنساء اللواتي أخذهن الفرنسيس صغار السن، وقد وجد امرأة عجوزًا باقية على دينها
وممن تنصر شخص ولاه الفرنسيس بمصر (أغاة انكشارية) في أيامهم، فلما سافروا تبعهم، وبقي على إسلامه نحو خمس عشرة سنة، ثم بعد ذلك تنصر، والعياذ بالله، بسبب الزواج بنصرانية
ولقد رأى اللطهطاوي له ولدين وبنتًا، أتوا في مصر وهم على دين النصرانية ؛ أحدهما معلم في مدرسة أبي زعبل
.
كما يخبرنا أن الجنرال مينو قد عاد الى النصرانية وأن زوجته تنصرت أيضا على ما قيل وأن المستشرق "البارون دساسي" أقنعها بذلك
مكثت البعثة خمسين يوما في مرسيليا ثم ذهبوا الى باريس
والسفر من مرسيليا يكون بالعربات ليلا ونهارا وهناك محطات في الطريق مجهزة للنوم والطعام و وصلوا الى ليون في اليوم الثالث والى باريس في اليوم السابع ولاحظ الطهطاوي مرورهم بسلسلة كبيرة متصلة من القرى الصغيرة حتى إن الإنسان لا يظن إلا أنه في بلدة واحدة
---------------
يخبرنا أنور لوقا في كتابه كتاب و رحالة مصريون الى أوربا في ص 47
(( وإستمر الربط الغريب بين البعثة المدرسية وحرب الإستقلال اليونانية حتى في دوريات بثقل
«ﻻرﻳﻔـﻮ أﻧﺴﻴﻜﻠﻮﺑﻴﺪﻳﻚ
La Revue encyclopédique  » فقد جاء بها بقدر ما أسفنا على السياسة الخاطئة والشرسة التي تأثر بها نائب الملك في مصر بالمشاركة الإيجابية - على الرغم منه - في حرب الإبادة الموجهة ضد الدولة اليونانية البطلة  بقدر ما يطيب لنا إمتداح القرار الحكيم الذي أثمر عن نتائج مستقبلية والذي ﺗﺒـﻨـﺎه اﻷﻣﻴـﺮ ﻣـﺆﺧﺮًا وأعد سبل تنفيذه بدقة وإستهدف تنشئة عدد من الشباب المصريين في فرنسا وإعدادهم لتولي مناصب ﻣﻬـﻤﺔ ﻓﻲ وﻃـﻨﻬﻢ لاحقاً ))
كانوا واثقين من التنشئة الفرنسية وليس التعليم الفرنسي فقط وشتان بين الإثنين ، ولم يعلق المترجم على توضيح أن ما جرى هناك هو إستئصال كلي للمسلمين في تمردات قادتها الكنيسة اليونانية والكنيسة الروسية وقتها كان جيوش العثمانيين وفيهم جيش محمد علي يحاربون في البلقان وفي نفس الوقت تقوم فرنسا بتنشئة شباب محمد علي في إزدواجية غريبة
ومن ويكيبديا
 (( هي حرب استقلال شنها الثوار اليونانيون ضد الإمبراطورية العثمانية بين عامي 1821 و1832م وقد أفضت تلك الحرب لتأسيس المملكة اليونانية. تلقى اليونانيون العون لاحقا من قبل الإمبراطورية الروسية وبريطانيا العظمى ومملكة فرنسا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى))
طوال أربعة قرون ترك العثمانيون السكان في حرية دينية كاملة حسب نصوص الإسلام وتركوا الكنيسة اليونانية تدير اليونان ولم يتعظوا بمحاكم التفتيش الإسبانية ولا بطرد المسلمين واليهود معا من إسبانيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق