الأحد، 28 يوليو 2024

 حلقة 35 نشر 5 محرم 1446هـ / 13 يوليو 2024

الفصل السادس من المقالة الرابعة
الامتحانات التي دخلها الطهطاوي في «باريس» وخاصة الامتحان الأخير الذي أعقبه رجوعه إلى مصر
هناك إمتحانات عامة سنوية يحضرها العام والخاص، بدعوة مثل دعوة الولائم عادة
 وهناك امتحانات خاصة، وهي أن يمتحن المعلم تلامذته كل أسبوع أو شهر
ويتم إرسال تقرير عقب كل إمتحان لولي أمر الطالب 
 أول امتحان عام للطهطاوي تلقي فيه من «مسيو جومار» كتابًا يسمى «رحلة أنخرسيس في بلاد اليونان» سبعة مجلدات جيدة التجليد مموهة بالذهب كمكافأة في أول يوم من شهر أغسطس سنة 1827م
وفي الامتحان العام الثاني بعث له كتاب «الأنيس المفيد، للطالب المستفيد»، و«جامع الشذور، من منظوم ومنثور» تأليف «مسيو دساسي» في 15 شهر مارس سنة 1828م
عُقد الامتحان العام الأخير في 16 رمضان 1246هـ / 28 فبراير سنة 1831م وكان بالمجلس عدة أناس مشاهير، وترأس وزير لتعليمات الموسقوبي الامتحان، وكان الغرض إظهار قوة الطهطاوي في صناعة الترجمة التي اشتغلبها مدة مكوثه في فرنسا.
وصورة ما تحصل من الامتحان وكتبه الفرنساوية في وقائع العلوم ما نصه: وصور التلميذ رفاعة أنه قرئ في المجلس دفتران: الدفتر الأول يشتمل على تعديد اثنتي عشرة ترجمة من اللغة الفرنساوية إلى العربية ترجمها المذكور منذ سنة وهذه أسماؤها:

الأول: نبذة في تاريخ إسكندر الأكبر، مأخوذة من تاريخ القدماء
 الثاني: كتاب أصول المعادن
 الثالث: رزنامة سنة 1244هـ ألفه «مسيو جومار» لاستعمال مصر والشام، متضمنًا لشذرات علمية وتدبيرية
 الرابع: كتاب دائرة العلوم في أخلاق الأمم وعوائدهم،
 الخامس: مقدمة جغرافية طبيعية مصححة على «مسيو هنبلض»
 السادس: قطعة من كتاب ملطبرون في الجغرافية
 السابع: ثلاث مقالات من كتاب «لجندر» في علم الهندسة
 الثامن: نبذة في علم هيئة الدنيا
 التاسع: قطعة من «علميات ضابطان عظام»
العاشر: أصول الحقوق الطبيعية التي تعتبرها الإفرنج أصلاً لأحكامهم
 الحادي عشر: نبذة في «المثولوجيا» يعني جاهلية اليونان وخرافاتهم
 الثاني عشر: نبذة في علم سياسات الصحة.

الدفتر الثاني: يشتمل على رحلته، وذكر سفره
كان الحاضرين بيدهم الأصول لمقابلة النص بالترجمة والترجمة الفورية
تم إختبار الترجمة لمطبوعات بولاق إلى اللغة الفرنساوية وقرآته بالفرنسية ترجمة نصوص من جريدة بولاق
(( وكان عيبه أنه لم يحافظ على تأدية عبارة الأصل بجميع أطرافها، وعلى كل حال فلم يغير في المعنى شيئًا، بل طريقته في الترجمة كانت مناسبة، فتفرق أهل المجلس جازمين بتقدم التلميذ المذكور، ومجمعين على أنه يمكنه أن ينفع في دولته، بأن يترجم الكتب المهمة المحتاج إليها في نشر العلوم، والمرغوب في تكثيرها في البلاد المتمدنة )) " أي أنهم أجازوه "
ولا شك أن بعض هذه الكتب قد يحتوي على أشكال يلزم طباعتها وتمت إجازة أحمد أفندي العطار وهم من أعضاء البعثة للطباعة على الأحجار بعد إختباره أيضاً (( ويمكنه أن يتأهل لفتح دار لطباعة الحجر ونظارتها ))

 وصورة ترجمة ما كتبه «مسيو شواليه» وهو أشبه بإجازة وشهادة للطهطاوي:

(( وزارة الحرب

يقول الواضع اسمه فيه: «شواليه» تلميذ قديم من تلامذة مدرسة العلوم المسماة «بلوتكنيقا» الضابط المهندس المكتوب في وزارة الحرب الوكيل من طرف «مسيو جومار» والأفندية النظار بالإرشاد إلى تعليم مسيو الشيخ رفاعة:

أشهد أني مدة نحو ثلاث السنوات والنصف التي مكثها التلميذ المذكور عندي لم أر منه إلا أسباب الرضى سواء في تعليمه أو في سلوكه المملوء من الحكمة والاحتراس، وحسن خلقه ولين عريكته، وقد قرأ معي في السنة الأولى اللغة الفرنساوية «والقسمغرافيا» انتهى وفيما بعد الجغرافيا والتاريخ والحساب وغير ذلك. ولما كان خاليًا عن الاستعداد والخفة اللازمين لتعلم الرسم مع ثمرة، لم يشتغل به إلا مرة في كل أسبوع لمجرد امتثال أوامر الوالي ولكن صرف جهده مع غاية الغيرة في الترجمة التي هي صنعته المختارة له وأشغاله فيها مبينة في إعلاماتي الشهرية، خصوصًا في «الجرنالات» الأولى التي أعطيتها «لمسيو جومار» وحسب هذا التلميذ ما في هذه الإعلامات والجرنالات
ومما ينبغي التنبيه عليه أن غيرة مسيو الشيخ رفاعة تناهت به إلى أن أدته إلى أن شغله مدة طويلة في الليل تسبب عنه ضعف في عينه اليسار، حتى احتاج إلى الحكيم الذي نهاه عن مطالعة الليل، ولكن لم يمتثل لخوف تعويق تقدمه، لما رأى أن الأحسن في إسراع تعليمه أن يشتري الكتب اللازمة له غير ما سمح به (الميري) وأن يأخذ معلمًا آخر غير معلم (الميري) أنفق جزءًا عظيمًا من ماهيته المعدة له في شراء كتب، وفي معلم مكث معه أكثر من سنة، وكان يعطيه الدرس في الحصة التي لا يقرأ معي فيها
وقد ظننت أنه يجب علي وقت سفره أن أعطيه هذا الإعلام الموافق لما في الواقع ونفس الأمر، وأن أضيف إلى ذلك الإفصاح عما في ضميري من كمال اعتقاد فضله ومحبته.

مسيو شوالي  28 فبراير 1831م ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق