الأربعاء، 16 أغسطس 2017

تكملة ما سبق

كانت البشر يتحركون فى مجموعات صغيرة بين 20 الى 30 فرد ، وممن الممكن ان تزيد الى نحو 50 فردا ، كانت مجموعات بسيطة ، ومع انتهاء العصر الجليدى قبل 11700 سنة، حدث جفاف نسبى فى المنطقة العروضية ، وفى مواجهة التغيرات المناخية اكتشفت تلك الجماعات عملية الزراعة -- وكان ذلك بعد استئناسهم الحيوان بعدة الاف من السنين -- وتلك هى رابع ثورات الانسانية الكبرى ، كان اشعال النار والسيطرة عليها هو اول ثورات الانسانية ، وجاءت بعدها ونتيجة لها ثورة الفخار، واحدثت الادوات الحجرية الدقيقة او القزمية الثورة الثالثة
تدجين النبات اى الزراعة وتدجين الحيوان اى الرعى يعنى سيطرة الانسان على الارض وقدرته على انتاج الغذاء ، ويُقال ان تدجين النبات والحيوان قد تم فى اواخر العصر الحجرى الحديث وفى اوقات متقاربة وفى اماكن  مختلفه ، وكان التدجين يظهر بطريقة مستقلة فى كل مكان اى انه لم يكن مستوردا ، بل ان كل مجتمع بشرى عرف " التدجين " وحده ، اى انه لايوجد شعب يدين بهذه المعرفة لشعب آخر
هل الزراعة هى الاخرى صدفة ؟ لا بالطبع  لا يوجد شيء اسمه الصدفة !!!
قد تلمح عزيزى القارئ تكرارا لبعض المعلومات ، وتناولا للفكرة الواحدة فى صفحات مختلفة وسياق مختلف ، و اظن انى قد فطنت الى ذلك وحاولت ابعاده قدر الاستطاعة ن ولكن من المستحيل تجنب التكرار او الاستطراد او الاسهاب لعديد من الاسباب قد يكون منها ما هو موضوعى مثل التشابك والتداخل الزمنى فى مراحل التاريخ الانسانى و احداثه واختلاف وتيرة التقدم الحضارى ، وقد يكون التكرار راجعا الى تعدد مصادر المعلومات الى اكتبها ، وتعدد المصادر يعنى ببساطة تعدد الاراء والنظريات والحسابات خاصة فى فترات الانسانية الميكرة المعتمدة على امور ظنية ، وحيث ان العلوم الطبيعية كوسيلة بحث ليس لها نهاية وما هو منطقى اليوم فى عصرنا طبقا للعلوم الطبيعية ، قد يصبح غير منطقى فى المستقبل
اما العصور التاريخية التى نقلت الينا الكتابة ما كان يجرى فيها فهى ايضا لا تخلو من النقصان ، فهى اولا و اخيرا  نتاج  "جهد بشري " يخطئ ويصيب وهو فيما يكتب لا يسجل بموضوعيةمن وجهة نظرنابل بموضوعية عصره هو وبالتالى تتغير الاستنتاجات ويصبح الحكم عليها بمعرفتنا امرا عبثيا
بل ان تقدير الزمان وازمنة حدوث وقائع ما قبل انتهاء عصر الجليد تتفاوت فيها آراء العلماء تفاوتا كبيرا وان كانت اكثريتهم قد اتفقت على انتهاء عصر الجلييد قبل 11700 سنة من الآن ، وحتى بعد ذلك اختلف العلماء فى تحديد الازمنة
بل ان حساب السنين والاعوام عند اسلافنا قد تغير مرارا وتكرارا وتم تصحيحه مرات عديدة ، ولعل اقدم قياس للزمن قد تم فى مصر القديمة عندما لاحظوا ان ظهور نجم " الشعرى اليمانية " فى "اون " القديمة اى عين شمس قد تزامن مع شروق الشمس ومع وصول ماء الفيضان الى هناك ، واعتبر المصريون ذلك بداية "السنة الجديدة" وهذا النجم فى لغة المصريين القدامى هو نجم "سبدت" وهو اكثر النجوم لمعانا فى السماء ، وحدد علماء العصر الحديث حدوث هذا الاقتران بين شروق الشمس والشعرى اليمانية والفيضان بعام 4236 ق م تقريبا
قسم المصريون السنة الى 365 يوما فقط ، ولكن لاحظ المصريون ان كل اربعة سنوات يختلف ميعاد شروق الشعرى اليمانية يوما واحدا عن شروق الشمس ، وان هناك دورة للنجم " سبدت " قدرها 1456 سنة اى ان شروق الشمس مع الشعرى اليمانية فى مكان واحد لا يحدث الا كل 1456 سنة ، فقام الكهنة المصريون فى اوائل حكم البطالمة بتصحيح طول السنة لكى تصبح 365.25 يوما وفى اوائل الحكم الرومانى لمصر تم اعتماد تصحيح السنة رسميا واعتبار وجود سنة كبيسة قدرها 366 يوم  – اى تزيد يوما واحدا - وتتلوها ثلاث سنوات بسيطة قدر الواحدة 365 يوم
اى ان التقويم المصرى المعتمد على الشعرى اليمانية قد تحول الى تقويم شمسى  
كانت ملاحظة البشر لحركة الاجرام السماوية وانتظام هذه الحركات وراء اتخاذ البشر من مواعيد ظهورها بداية للعام الجديد ، القمر ايضا ُوضعت  له " السنة القمرية" وهى السنة العربية وهى  المعروفة بالتقويم الهجرى

وبعد هذا العرض الموجز جدا للتقويم وبداية حساب السنين هل ستعزرنى يا عزيزى اللقارئ على اسهابى ؟
يتبع مع تحياتى
م نعمان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق