الاثنين، 24 يوليو 2017

الارض المصرية والنيل 3


استكمال 

اما فى شرق الدلتا فان مياه بحيرة المنزلة ترقد تحتها مدن شهيرة  وحدائق غناء ، ومن اشهر هذه المدن تنيس مدينة النسيج فى العصر الفاطمى  ومدن :تونة وبورة وشطا 
بل ان منطقة شمال وسط الدلتا  ومنطقة البرلس تعرضتا لتغيرات الساحل واختفت الى الابد مدن كبيرة مثل "بوتو" او تل الفراعين وبقايا تلك المنطقة  فى " البرارى"  تشهد انها كانت اقليما زراعيا به زراعة كثيفة ويشهد بذلك مؤرخين مثل المخزومى فى القرن 12 م والمقريزى فى القرن 14 م 
لقد بدأغرق شرقى الدلتا عام 535 م اى قبل الفتح الاسلامى ، ونجت من الغرق المدن المرتفعة وتحولت الى جزر كبيرة مثل تنيس وتونة وشطا وبورا ودميرة ودبيق ثم تدريجيا تعرضت لغزو البحر ثم تعرضت لهجمات شرسة من القراصنة الصليبيين ، فتم هجرانها وتخريب حصونها تماما فى القرن 13 م 
لا احد يدرى سبب غرق سواحل شمال الدلتا :هل كانت زلزلة القرن السادس م هى السبب فى هبوط الاض ؟ ام ان ثقل الرواسب الطميية أدى الى هذا الهبوط ؟ هل كان ارتفاع سطح البحر هو السبب ؟
من المحتمل جدا ان بحيرة المنزلة لم تكن موجودة فى عصور البطالمة والرومان ، بل كانت منطقة زراعية صناعية هائلة تضارع الفيوم ، وكانت مرتبطة تجاريا مع تجارة العراق ، زارها الرحالة الفارسى ناصر خسرو فى القرن 11 م وذكر ان مدينة تنيس مدينة ضخمة  والميناء به اكثر من الف سفينة ، وان سكانها من الذكور يبلغ اكثر من 50 الف رجل  من دون ذكر اعداد النساء و الاطغال واعتمدت على التجارة للحصول على المواد التموينية ، وعلى تخزين مياه الشرب فى صهاريج ارضية 
بعد تكرار تعرضها لهجمات الصليبيين والقراصنة من جزر المتوسط الصليبية ايضا قام صلاح الدين الايوبى باخلائها فى نهاية القرن 12 م نو فى بداية القرن 13 م امر الملك الكامل الايوبى بهدم حصونها وتسويتها بالارض وبقيت الجزر الصغيرة شاهدة حية على ما جرى مثل جزيرة " كوم تنيس "
ونقول مثل ذلك على بحيرة البرلس او"نستروه العرب " والتى لا يزال احد اجزائها يسمى " كوم مسطورة" ، وادكو التى كانت على المصب الكانوبى وخسفت الزلزلة بأرضها وتكونت بحيرة ادكو والتى كانت فى يوم من الايام متصلة ببحيرة مريوط ،وكانت مريوط بحيرة عذبة تستمد المياه من ترعة او اكثر من الفرع الكانوبى للنيل وعلى شواطئها الجنوبية مدينة ماريا الشهيرة، وكانت منطقة زراعية شهيرة بالقمح والكروم وتربطها السفن بالاسكندرية ، وفى القرن12 م تعرض الفرع الكانوبى للطماء وارتفعت الارض وانقطعت المياه العذبة عن مريوط فتحولت الى ملاحات 
فى العصر الحديث تم استصلاح ارضها وتحولت الى ارض زراعية وما بقى منها تحول الى مصرف عام للمنطقة من خلال المشاريع الهندسية ويتم ضخ الصرف الزائد منها الى البحر من خلال محطة طلمبات المكس الشهيرة 
حمد على باصلاح سدها وكان ذلك ايذانا بزوالها فلم يأتى القرن ال20 م الا وقد تحولت كلها الى " مزرعة ابيس" الشهيرة فى الاسكندرية يقول الراحل د جمال حمدان ان البرارى المصرية وهى مستنقعات وبرك شمال الدلتا جزء لا يتجزأ من التاريخ المصرى وقبل التاريخ ايضا 
شمال الدلتا  به مصبات فروع النيل وهو معرض للحركات الارضية من هبوط وارتغاع و معرض لغزو البحر، تقوم تيارات البحر المتوسط بنقل رواسب الطمى وتوزعها على خط الساحل  صانعةاما بحيرة ابى قير فهى بحيرة صغيرة بين مريوط وادكو وفى عام 1816 م قام الالبانى م شطآنا رملية فى الغرب وسهولا طينية فى الشرق وسهل الطينة فى شرقى بالوظة مشهور 


كان نطاق البرارى فى الدلتا دائم التحرك ،يضيق تارة و يحول شمال الدلتا الى حقول وقرى ومدنا للزعفران كما يقول المؤرخون ، او يتسع فيصبح شمال الدلتا مستقعات وبرك وبحيرات ، ولكن فى كلا الحالين هناك دائما شط رملى او طينى ثم سهول شاطئية ضيقة تفصل البحر المتوسط عن بحيرات شمال الدلتا ، وتدخل مياه البحر الى البحيرات من خلال فتحات ضيقة فيها تسمى البواغيز
( يرى د جمال حمدان فى موسعته شخصية مصر الجزء الاول ص 820  ان الرياح فى مناطق البرارى فى شمال الدلتا  يمكن ان تسبب فى ساعات قليلة جفافا  لمئات الافدنة من البحيرات الضحلة يستمر اياما )   فهل كانت اراضى شمال الدلتا  فى بحيرة المنزلة هى الاراض التى عبر منها سيدنا موسى الى سيناء ؟؟؟ 
كانت البحيرات تفصل بين ارض البرارى وبين المتوسط وتحميها من غزوه، ويقول المؤرخ المخزومى انه اعتبارا من عام 961 م عادت اراضى البرارى الى غزو شمال الدلتا ، وغير معروف بالتحديد سبب ذلك   هل هو غزو مياه المتوسط ؟ هل بسبب انخفاض الارض تحت ثقل رواسب الطمى ؟ ام زلزال ؟ ام انه مجرد اهمال صيانة جسور الترع والمصارف بسبب الاضطرابات السياسية ؟

نجت من هذا المصير مناطق مثل البرلس و بلطيم ،فقد كانت ترويها مياه الامطار  وكانت تزرع طوال السنة وكانت تسمى "نستروه " واهلها هم النستراوية  او البشمور ،وكانت ارض البشمور هذه مشهورة بثوراتها المتكررةضد الحكم المركزى الرومانى فى بابليون او الحكم العربى فى الفسطاط او القاهرة 
لا زالت "كوم نستورة" قائمة حتى وقتنا هذا ،كذلك  بقيت دمياط و رشيد فهما مصبان للنيل طوال العام  وبالتالى ضمن لهما الزراعة والملاحة طول العام 


ظل خط البرارى متأرجحا بين الشمال والجنوب والشرق والغرب راسما  ما يشبه القوس داخل الدلتا ، ولكن فى القرن 19 م وبعده جرى استصلاح و زراعة هذه المناطق بداية من الجنوب وانتهاء بالشمال ولعل محافظة كفر الشيخ هى محافظة البرارى الاولى فى مصر
يتبع مع تحياتى
 م نعمان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق