نعيش الآن
فى عصر الهولوسين فى فترة بينجليدية بدأت قبل 11.7 الف سنة
لقد شهد
عصر البليستوسين الجليدى 4 فترات جليدية تغيرت فيها وتشكلت اودية الانهار الكبرى و سواحل
القارات وبالتالى تغير نظام الامطار والرياح والتيارات البحرية مما يعنى تغير بيئة
الارض وغلافها الجوى ايضا ، وعندما تحدث فترة جليدية يتغير الغطاء النباتى
وبالتالى تتعرض المخلوقات المعتمدة فى حياتها على هذا الغطاء النباتى -ومنها الانسان للخطر فتبادر بالتحرك
بسرعة نحو المناطق الدافئة وتبدأ الجماعات البشرية فى الحركة نحو الشرق الاوسط حيث
يتوفر الدفء والغذاء
التجلد او
الجليد تعنى زحف احزمة الجليد من القطبين باتجاه خط الاستواء
الفترة
الجليدية تحدث عندما يغطى الجليد قمم جبال المناطق الاستوائية ومع التجلد ينخفض مستوى سطح مياه البحار والمحيطات
وتنخفض رطوبة الهواء الى درجة الجفاف ويقل سقوط الامطار وبالتالى تتحول الارض الى
صحارى جليدية كبرى
الفترة
البين جليدية او الدافئة نسبيا يرتفع فيها مستوى ماء البحار عشرات الامتار ومع
ارتفاع الحرارة تتبخر المياه وتتكون السحب وتسقط الامطار وتتكون البحيرات
المطرية
هناك 4 فترات جليدية كبرى فى عصر البليستوسين الجليدى وآخر هذه الفترات بدأت قبل نحو 700 الف سنة
هذه الفترة
الاخيرة قسمها العلماء الى اربعة اطوار جليدية صغرى تفصلها اربعة اطوار اقل برودة
اشهر هذه
الفترات الصغرى هو التجلد الثالث ويدعى تجلد ريس الالبى Alpine riss galciation وانتهى
قبل نحو 130 الف سنة والتجلد الرابع ويدعى Würm glaciations او تجلد وارن وبدأ قبل نحو 80
الف
سنة وانتهى ببداية عصر الهولوسين قبل 11700 سنة
ظهرت هذه
الفترات بوضوح فى شمال اوروبا و امريكا الشمالية بينما اختلف الحال فى المنطقة
المدارية الممتدة بين المحيط الاطلنطى وحتى الهضبة الايرانية
ترتبط
الرياح وتكوينها وقدرتها على حمل بخار الماء اى السحب المطيرة بكمية الاشعاع
الشمسى المتساقط على الارض وهذا الاشعاع
او الطاقة الشمسية يتأثر بعديد من العوامل
منها المسافة بين الارض والشمس
ومنها التغيرات فى محور دوران الارض حول نفسها بين 22.2 درجة الى24.5 درجة ويحدث التذبذب على دورات منتظمة وكل
دورة تستغرق نحو 41 الف سنة
ومن هذه
العوامل التغير فى مركز دوران الارض حول الشمس ويحدث فى دورة ثنائية احداهما طولها
نحو 100 الف السنة والاخرى طولها نحو 400 الف سنة
تؤثر
الرياح الموسمية الافريقية والتى تنشأ فى المحيط الاطلنطى على المناطق شبه
المدارية ومع دورات الشمس تتغير قوتها فاذا كان الاشعاع الشمسى قويا فان الامطار
الغزيرة تصاحب الرياح وتتحول المناطق شبه المدارية الى صحراء خضراء غابية عشبية
بينما اذا كان الاشعاع الشمسى ضعيفا فانها تكون رياحا ضعيفة لا تقدر على حمل بخار
الماء وتكون رياحا جافة
وبالتالى فان المنطقة شبه المدارية
تتعرض الى دورات من المطر الغزير وتعقبها فترات من انخفاض كمية المطر ثم
ندرته وهكذا
تمكن
العلماء من تصور مناخ المنطقة شبه المدارية على النحوالتالى
فترة
العباسية المطيرةpluvial
نحو قبل 120 الف سنة واستمرت حتى قبل نحو 90 الف سنة
فترة
العباسية شبه المطيرة subpluvial قبل نحو 50 الف سنة الى قبل نحو 30 الف سنة
فترة ثانية
شبه مطيرة قبل نحو 24 الف سنة الى قبل نحو 20 الف سنة
طور مطرى
قبل نحو 12.8 الف سنة "يعادل ثلاثة امثال المطر الحالى " ثم تناقص تدريجيا
اخر طور
شبه مطرى كان قبل نحو ) 7- 7.5 ) الاف سنة ق م واستمر الى قبل نحو( 3او 3.5( الاف سنة ق م عندما وضعت حادثة 5.9 k y حدا له وبدأ التصحر
الصحراء فى
الطور المطرى هى مراعى ومروج خضراء "استبس غنى " وفى
الطور شبه المطرى هى "سافانا غنية " والصحراء الخضراء او الرطبة wet sahara كانت تجرى بها الانهار وترصع سطحها
البحيرات العذبة المطرية ولا زال بعضها موجودا مثل بحيرة توركانا turkana فى كينيا وبحيرة تشاد بينما جفت احواض
شمال افريقيا مثل "منخفضات تاسيلى "بالجزائر وحوض فزان بليبيا
ومنخفضات الصحراء الغربية فى مصر
تمثل
الواحات فى الصحراء الكبرى ظلالا باهته للعصور المطيرة
كانت
المنطقة شبه المدارية فى الطور المطرى تتحول الى غابات من اشجار البلوط
والجوز والزيزفون والدردار بانواعه فى
سفوح الجبال بينما كانت غابات الزيتون والعرعر والصنوبر تغطى وديان الانهار
وتتخلل الجميع اعشاب برية حاملة لبذور اوحبوب عديدة "بيئة نهرية غنية " كانت الانهارمليئة بالاسماك
والتماسيح وافراس النهر والقواقع والمحاريات وغيرها و كانت الغابات تمرح فيها انواع من الظباء
والوعول والغزلان والزراف والحمر الوحشية والافيال وحتى الخرتيت والقرود وكانت
اللواحم المفترسة مثل الاسود و النمور والضباع و الثعالب والذئاب والقطط البرية
وغيرها شائعة الوجود ، طبعا كانت هناك مختلف انواع الطيور وكذلك الطيور المائية
اما فى
الطور شبه المطرى فالصحراء تصبح سافانا عشبية قليلة الاشجار
كان كل عصر
مطير يخلفه عصر شبه مطير اقل طولا واقل
مطرا
كان التحول
او الانتقال من طور الى طور يحدث فجائيا بمعنى انه يستغرق بضع عشرات من السنين او
حتى مئات معدودة
فى العصر
الجليدى الاخير تعرضت الحيوانات الكبيرة للفناء وانقرضت اجناس وانواع عديدة
مثل الخيول و الحمير البرية ، حيوانات
التابير ، الجمال الكبيرة و اللاما والايل والغزلان والثيران مثل ثور البيسون
العملاق و الكسلان و الاسد الامريكى والفهد الامريكى والذئب الامريكى الضخم
والماموث والسابر وغيرها
كتبت
النجاة للمخلوقات فى افريقيا وجنوبى اسيا وجنوبى الامريكتين من هذا المصير ولم تتأثر مخلوقاتها كثيرا ، الا انها عانت منه
ايضا فى بدايته وحتى جنوب اوروبا الدافئ نسبيا تعرضت فيه افراس النهر القزمة و
الافيال القزمة والبجع العملاق والماعز للفناء والانقراض
يعتقد ان
الصيد الجائر الذى مارسته الجماعات الانسانية مع التغيرات المناخية كان سببا لذلك
الانقراض
لابد من ادراك
ان كل الجماعات الانسانية فى اى مكان على الارض تعيش فى حالة توازن بين كثافة
السكان وبين قدرة الارض على استيعابهم وتوفير الغذاء لهم سواء كانوا فى ارض صحراوية او اراضى عشبية
منبتة
هذه القدرة
الاستيعابية carrying capacity هى المحدد للتواجد البشرى فى
مكان ما
تحايل
الانسان على ذلك بالتحرك المستمر والتنقل من مكان لاخربحثا عما يلتقطه او يستطيع
صيده
ثم استخدم
الانسان عقله فى التحايل على قدرة الارض الاستيعابية وابتكر تكنولوجيا صناعة ادوات
الصيد مثل السهام والرماح والشص وتعلم الزراعة وبدأها بمحراث حجرى ثم خشبى وانتهى
بمحراث معدنى
وحتى الان
فاِن كل تكنولوجيا الانسان تتلخص فى كيفية التحايل على امنا الارض واجبارها على
تقديم الغذاء الكافى لاعداد البشر المتزايدة باستمرار
ان تاريخ
الانسانية باِختصار هو كيفية التحايل على الارض
نجح البشر
حتى الآن فى التحايل على الارض ولكنهم لم يستطيعوا حتى الآن السيطرة على التغيرات
المناخية ، لقد ثبت علميا ان تغيرات المناخ كانت السبب المباشر فى انهيار الحضارات
القديمة والدول
تلاحظ ان
زيادة سكان العالم - فى اى عصر يتبعها زيادة الدفء العالمى ، ويسبب ذلك تغيرات مناخية تؤدى بدورها الى حدوث مجاعات فى اماكن وفيضانات
كارثية فى اماكن اخرى ثم دخول الارض فى عصر جليدى وفى جميع الاحوال يتناقص عدد السكان
يعتقد ان
المناخ لاعب رئيسى فى تاريخ الانسانية على الارض خلال ال15 الف سنة الماضية
تهب الرياح
الموسمية الصيفية monsoon على جنوب شرقى اسيا والهند وتهب من
المحيط الهندى والخليج العربى اى جنوبية غربية وتسقط امطارها على شمال الهند وباقى
جنوب شرقى اسيا ، ولكن فى الشتاء تنعكس اتجاهاتها وتكون شمالية شرقية وتهب شديدة الجفاف على جنوب الهند وعلى شرق
افريقيا
تخضع
الرياح الموسمية لدورات قصيرة بين 7 – 11 سنة وفى نهاية كل دورة يحدث جفاف شديد
يسبب المجاعات وانتشار مرض الكوليرا ومرض الطاعون
يقولون ان
المجاعات تخصص "هندى " تتزامن مع دورات البقع الشمسية كل 11الف سنة
يعتقد
بحدوث موجات جفاف عالمية قبل نحو عشرة الآف سنة دفعت البشر فى جنوب غربى اسيا
ووادى النيل الى اكتشاف و ممارسة الزراعة ، كما دفعت بحيوانات شمال افريقيا الى
وادى النيل
"اور" وهى ur مدينة غربى الفرات بحوالى 24 كم وشمالى البصرة بحوالى 100 كم ومكانها الآن يدعى بتل المقير كانت موطنا لجماعات بشرية اسست فيها الحضارة السومرية الكلدانية قبل نحو ستة الآف سنة اعتمدوا على الامطار واقاموا مجتمعات زراعية تحولت الى مدن محصنة باسوار من الطين ولكن فى نحو عام3800 ق م تغيرت الرياح الموسمية وتغير النظام المطرى وبالتالى تغير نظام الزراعة الى نظام يعتمد على الرى من قنوات تخرج من نهرى دجلة والفرات
بحلول اعوام 3100 ق م كان جنوب العراق غابة من المدن السومرية ،يعتقد ان 80 % من السكان كانوا يعيشون فيها ولديهم مخازن للحبوب تكفى لمواجهة الجفاف القصير الامد
حدث ثوران بركانى نحو اعوام 2200 ق م فى الشمال البعيد "جبال ارمينيا " شمال العراق وتزامن معه حدوث دورة من دورات الجفاف طويل المدى استمرت نحو 278 عام واثرت على شرق البحر المتوسط كله بما فى ذلك مصر وادى النيل، وبحلول نحو عام 2000ق م كان عدد سكان اور قد تناقص مما ادى الى انهيارها ، وبعد نحو قرن من الزمان تحسنت الاحوال المناخية وعادت الامطار بعد غيبة وتكونت حضارة جديدة
يتبع
مع تحياتى
م نعمان
يتبع
مع تحياتى
م نعمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق